مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٧٣
الحج ووفاء الدين والانفاق على القريب لدى إجماع سائر شرائطها ومن هنا يعلم إنه لو أريد من الحكم بكونها على حكم مال الميت كونها كذلك في وجوب صرف كل جزء منها على البدل في وفاء دينه أو غير ذلك مما لا ينافي المعنى المزبور أي كون ما يفضل عن الدين على إبهامه مخصوصا بالوارث أي مملوكا له حقيقة فهو على تقدير صحته ليس بمانع عن تعلق الزكاة به ولكن لقائل أن يقول إن كون ما يفضل عن الدين ملكا طلقا للوارث على إجماله لا يكفي في إيجاب الزكاة عليه إذا كان نصابا على إطلاقه ولو على القول بجواز تصرفه فيما يفضل عن الدين فضلا عن القول بالمنع عنه لأنا إن بنينا على إن الميت أحق بتركته فيما يفي بدينه من وريثته من غير فرق بين عين التركة أو نمائها كما هو الأظهر فما يقابل الدين على إجماله بحكم مال الميت لا ينتقل إلى الوارث إلا أن يعطى بدله بأن يوفي الدين من مال آخر فإذا كانت التركة أكثر من الدين يكون ما زاد عما يفي بالدين ملكا للوارث ولكن لا يتشخص ملك الوارث ما لم يتميز حق الميت إن ما يستحقه الميت من هذا المال أمر كلي يصح أن يقع كل جزء مصداقا له فالنصاب الباقي بعد وفاء الدين إنما تمحض للوارث بوفاء الدين من غيره فلو كان يصرف هذا النصاب في الدين لكان يفضل من الدين غيره فشئ من أعيان التركة لا يصير بخصوصه ملكا للوارث إلا بتشخيص ما يستحقه الميت في غيره فليس النصاب بخصوصه حاصلا في ملكه كي يجب عليه زكاته نعم لو فرض كون النصاب بعينه مما يفضل عن الدين على كل تقدير كما لو خلف أموالا كثيرة وعليه دين يسير بحيث لو وفي دينه من أي أنواع من تركته لو من خصوص النخل والزرع الذي يتعلق بثمرته الزكاة لزاد عليه ما يبلغ النصاب لم يصلح الدين في مثل الفرض مانعا عن وجوبها على الوارث ويدفعه أن الاجمال والابهام إنما هو فيما يستحقه الديان من التركة المحكومة ببقائها على ملك الميت حكما لا فيما يملكه الوارث فإن ما تركه الميت جميعه ينتقل إلى وارثه عدى ما يقابل دينه على إجماله حتى ولاية تعيين هذا المجمل فحال الوارث بالنسبة إلى التركة حال من جعل لزيد في أمواله بعهد أو يمين ما يعادل عشرين دينارا من غير اعتبار شئ من العوارض المشخصة سوى مقدار ماليته أو باع صاعا من صبرة على سبيل الابهام أو نحوه ففي مثل هذه الموارد لا يؤثر ما يستحقه الغير من ماله حيث لا تعين له نقصا في ملكية شئ من أعيان أمواله بالخصوص بحيث يمنعه عن التصرف فيه ما لم ينحصر حقه في شخص إلا أن يدل دليل تعبدي على الحجر عن التصرف قبل التشخيص فمقتضى الأصل في مثل هذه الموارد لولا دليل على الحجر عن التصرف قبل تشخيص ما يستحقه الغير جواز تصرفه في كل شئ منها بخصوصه إلى أن يعرضه التعين بأن ينحصر في فرد فلو كان شئ من أعيان أمواله زكويا لا يمنع مثل هذا الحق عن تعلق الزكاة بها كما لا يمنع عن بيعها وساير أنحاء التصرفات الموقوفة على الملك فكذلك فيما نحن فيه ولكن هذا فيما إذا كانت التركة أكثر من الدين وفضل النصاب وأما مع استيعاب الدين فالحق عدم تعلق الزكاة بها سواء قلنا ببقائها على حكم مال الميت أو قلنا بانتقالها إلى الوراث وكون الحق المتعلق بها من قبيل حق الرهانة وشبهه أما على الأول فواضح وعلى الثاني فلان الزكاة لم توضع على ملك لم يكن لمالكه التصرف فيه إلا بإعطاء قيمته إذ قد عرفت في محله أنه يشترط فيما يتعلق به الزكاة أن يكون ملكا تاما ولا نقص في الملكية بأعظم من أن لا يكون لمالكه التصرف فيه إلا ببذل قيمته وقد تلخص مما ذكر أن الأشبه إنه إذا بدت الثمرة بعد موت المالك حالها حال أصلها في وجوب صرفها في الدين مع الاستيعاب ولا تجب زكاتها على الوارث سواء قلنا بانتقال التركة إليه بالموت أو ببقائها على حكم قال الميت ومع علم الاستيعاب إذا كان الفاضل نصابا وجبت زكاته على الوارث مطلقا والله العالم ولو بدا صلاحها على المشهور أو صارت تمرا لدى المصنف (ره) والمالك حتى ثم مات وجبت الزكاة في ماله ولو كان دينه يستغرق تركته لان الزكاة أيضا كسائر ديونه من الحقوق المتعلقة بأصل التركة كما يدل عليه مضافا إلى عمومات أدلة الزكاة خصوص مرسلة عباد بن صهيب عن أبي عبد الله (ع) في رجل فرط في إخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثم أوصى أن يخرج ذلك فيدفع إلى من تجب له قال جائز يخرج ذلك من جميع المال إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شئ حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة ولو ضاقت التركة عن الدين قيل يقع التحاص من أرباب الزكاة والديان وقد حكى هذا القول عن الشيخ في المبسوط و قيل يقدم الزكاة كما لعله هو المشهور لتعلقها بالعين قبل تعلق الدين بها الذي هو بعد موت المالك كما تقدم تحقيقه فيما مر فلا يصلح تعلق الدين بها لمزاحمة الحق السابق عليه سواء قلنا بأن تعلق الزكاة بها على سبيل الشركة الحقيقة أو من قبيل تعلق حق الرهانة أو الجناية أو غير ذلك من أنواع الحقوق فهو مقدم على حق الديان على كل تقدير ومن هنا يعرف إن هذا القول هو الأقوى وإن لم نقل بالشركة حقيقة نعم لو عدم متعلق الزكاة قبل الموت وصارت في ذمته صار حالها حال ساير الديون في وجوب التحاص مع الغرماء كما لا يخفى المسألة السادسة: إذا ملك نخلا مثلا قبل أن يبدو صلاح ثمرته فالزكاة عليه مع بقاء الثمرة على ملكه إلى حين تعلق الوجوب وكذا إذا اشترى ثمرة على الوجه الذي يصح شرائها مما هو مذكور في محله فإن ملك الثمرة بعد ذلك فالزكاة على المالك الأول بناء على ما هو المشهور من إن وقت تعلق الزكاة هو حين بدو صلاحها وإما على مختار المصنف (ره) من أن وقته حين التسمية فالأولى بل المتجه الاعتبار بكونه تمرا لتعلق الزكاة بما يسمى تمرا لا بما يسمى بسرا وقد تقدم تحقيق الحال في ذلك واتضح فيما تقدم شرح مثل هذه المسائل فلا حظ. المسألة السابعة:
حكم ما يخرج من الأرض مما يستحب فيه الزكاة الأجناس الأربعة في قدر النصاب وكيفية ما يخرج منه واعتبار السقي سيحا أو بالدوالي وأمر المؤمنة وغير ذلك مما عرفته بلا خلاف في شئ منها على الظاهر بل في الجواهر الاجماع بقسميه عليه فإن هذا هو المنساق من أدلتها كما لا يخفى على المتأمل تذنيب قال العلامة في التذكرة يجوز الخرص على أرباب الغلات والثمار بأن يبعث الامام ساعيا إذا بدا صلاح الثمرة واشتد الحب ليخرصها ويعرف قدر الزكاة ويعرف المالك ذلك وبه قال الحسن وعطاء الزهري ومالك والشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور وأكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرمهم وثمارهم وقال الشعبي الخرص بدعة وقال أصحاب الرأي أنه ظن وتخمين لا يلزم به حكم وإنما كان الخرص تخويفا للاكرة لئلا يخوفوا
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»