مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٧٥
ذكره قبل هذا الفرع فلا يناسبه تعليل نفي الضمان بأن الحصة في يده أمانة فالأولى الاستدلال له بأن التعويل على الخرص إنما يصح لدى عدم انكشاف مخالفته للواقع وإما بعد الانكشاف فالحكم يدور مدار واقعة كما هو الشأن في سائر الطرق الظنية التي دل الدليل على اعتبارها ومن هنا يظهر النظر فيما ذكروه في صورة العكس أيضا من إن له الزيادة فإن مقتضى عموم قوله عليه السلام فيما سقته السماء العشر وجوب إيصال عشر الحاصل إلى مستحقه والخرص فما شرع لتعيين مقدار العشر لا لرفع هذا الحكم عن موضوعه فإذا أنكشف خطائه فيما زعمه عشرا بأن ظهر كونه ناقصا وجب على المالك إكماله وإن كان زائدا لم يجب عليه دفع الزائد اللهم إلا أن يلتزم باعتبار الخرص على جهة الموضوعية والسببية لانقلاب التكليف إلى ما أدى إليه نظر الخارص أو يقال بأن مرجع تضمينهم حصة الفقراء بما أدى إليه نظره إلى المصالحة معهم عما يستحقه الفقير بكذا فيتجه على هذا ما حكى عن مالك من القول بأنه لو تلفت الثمرة بآفة سماوية بغير تفريط من المالك لم يسقط ضمانه لان الحكم أنتقل ما قال الخارص وشئ منهما مما لا يساعد عليه دليل بل الأصول والأدلة جميعها قاضية بخلافه أن لم يعلم مما دل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث من يخرص عليهم كرومهم ونخيلهم ولا من غيره مما دل على شرعية الخرص في باب الزكاة أزيد من إرادة معرفة حق الفقير بطريق التخمين وجواز التعويل على هذا الطريق في مقام مطالبة المالك بحق الفقير وإلزامه بالخروج عن عهدته أو الاخراج من تركته لدى موته أو تعويل المال عليه في مقام تصرفه في الثمرة بالبيع والشراء وغيره ما لم ينكشف خطائه أو غلطه كما لو قامت بينة بعد حصاد الزرع على أن ثمرته بالوزن أو الكيل بلغت كذا مقدارا فإنه يجوز التعويل عليها في ترتيب جميع هذه الآثار ما لم ينكشف الخلاف وإلا عمل على ما يقتضيه حكمها في الواقع فما في كلماتهم من التعبير تضمينهم حصة الفقراء يراد منه الزامهم بالعمل بمقتضى خرصه على جهة الطريقية أي التعويل عليه ما لم يتبين خلافه لا على جهة الموضوعية بأن يكون الحكم منتقلا إليه إذ لا دليل على أن للخارص هذا النحو من التصرف في مال الفقير ضرورة قصور أخبار الخرص عن أفادته القول في زكاة مال التجارة والبعث يقع فيه أي في موضوع الحكم وفي شروطه وفي أحكامه أما الأول فهو المال الذي ملك بعقد معاوضة وقصد به الاكتساب عند التملك قال شيخنا المرتضى (ره) قيل أن هذا اصطلاح فقهي وفيه نظر فإن الظاهر أنه معنى عرفي مستفاد من الأخبار الدالة على رجحان الزكاة في المال إذا اتجر فيه فإن الظاهر من التجارة بالمال المعاوضة عليه بقصد الاسترباح أقول إما التجارة بالمال فلا مجال للارتياب في أن معناه عرفا هو أن يستعمل المال في التجارة بأن ينقله إلى مال أخر حقيقة أو حكما بقصد الاسترباح وهذا مما لا كلام فيه على الظاهر ولكن قد يقع البحث في أنه هل يشترط في موضوع هذا الحكم أي زكاة مال التجارة صيرورة المال بالفعل متعلقا للعمل الذي يعد في العرف تجارة بأن يقع المعاملة عليه بإبداله بمال أخر بقصد الاسترباح كما هو ظاهر المتن وصريح غيره بل ربما نسب إلى المشهور بل إلى علمائنا أم يكفي مجرد أعداد المال لذلك بجعل السلعة المملوكة له في معرض البيع بقصد الاتجار فإنه يكفي ذلك في صحة إطلاق مال التجارة عليه وفي المدارك بعد أن ذكر أنه يشترط في تعلق الزكاة بالمال نية الاكتساب به بلا خلاف فيه بين العلماء وأنه يعتبر استمرار نية الاكتساب طول الحول ليتحقق كونه مال التجارة فيه قال وإنما الكلام في اعتبار مقارنة هذه النية للتملك وقد ذهب علمائنا وأكثر العامة في اعتبار ذلك أيضا لان التجارة عمل لا يتحقق إلا بالنية وحكي المصنف (ره) في المعتبر عن بعض العامة قولا بأن مال القينة إذا قصد به التجارة يتعلق به الزكاة ويظهر منه الميل إليه نظرا إلى أن المال بإعداده للربح يصدق عليه أنه مال التجارة فيتناوله الروايات المتضمنة لاستحباب زكاة التجارة وإن نية القينة تقطع التجارة فكذا العكس قال وقولهم التجارة عمل قلنا لأنهم إن الزكاة تتعلق بالفعل الذي هو الابتياع بل لم لا يكفي أعداد السلعة لطلب الربح وذلك بتحقق بالنية والى هذا القول ذهب الشهيد (ره) في الدروس والشارح في جملة من كتبه ولا باس به انتهى ما في المدارك أقول قد أشرنا إلى كفاية جعل المال معدا للاسترباح والاتجار به في صحة إطلاق اسم مال التجارة عليه ولكن لا يبعد أن يدعي أن المنساق من إطلاقه عرفا المال المستعمل في عمل التجارة لا مطلق ما وضع لذلك بحيث يقم مثل الفرض ولو سلم الشمول وعدم انصراف إطلاق هذا الاسم عنه فدعوى أنه يتناوله الروايات المتضمنة لاستحباب زكاة التجارة غير مسلمة إذ لا يكاد يستفاد من تلك الروايات ثبوت الزكاة في كل ما يصح أن يقع عليه اسم مال التجارة على الاطلاق بل في المال الذي اتجر فيه كما أشار إليه شيخنا المرتضى (ره) في كلامه المتقدم فما ذكره المصنف (ره) في رد من قال بأن التجارة عمل فلا يتحقق بمجرد النية من أنه لم لا يكفي أعداد السلعة لطلب الربح وذلك يتحقق بالنية ففيه إن كفايته لتعلق الزكاة به تحتاج إلى الديل إذ الحكم مخالف للأصل والرويات الدالة عليه غير وافية بذلك فإنها ما بين ما هو وارد في الموضوع الذي تعلقت التجارة به بالفعل كالمستفيضة الواردة فيمن كسد عليه متاعه التي سيأتي نقلها في مسألة اشتراط طلب رأس المال وزيادة وبين ما هو ظاهر في اعتبار الاتجار به بالفعل مثل رواية محمد بن مسلم المقطوعة أنه قال كل مال عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول وخبر خالد بن الحجاج الكرخي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة فقال ما كان من تجارة في يدك فيها فضل ليس بمنعك من بيعها الا لتزداد فضلا على فضلك فزكه وما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان فذلك شئ آخر والرويات المستفيضة الواردة في مال اليتيم والمجنون المتقدمة في أوائل الكتاب ففي بعضها إذا حركته فعليك زكاته وفي بعضها لا يجب في مالهم زكاة حتى يعمل به فإذا علم به وجبت الزكاة فأما إذا كان موقوفا فلا زكاة عليه وفي بعضها ليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به فإن اتجر به ففيه الزكاة والربح لليتيم الحديث فالموضوع الذي يستفاد من هذه الأخبار تعلق الزكاة به هو المال المستعمل في التجارة الذي وقع عنه التعبير في بعض هذه الأخبار بقوله إذا حركته فعليك زكاته فإن تحريك المال كناية عن أبداله بمال آخر وهكذا الاسترباح كما هو معنى الاتجار بالمال فلا يتحقق شئ من العناوين المأخوذة في هذه الأخبار إلا بجعل المال متحركا أي منتقلا ماليته لهذا الشخص إلى فرد آخر من المال بإبداله به فالأولى تفسير مال التجارة بأنه المال الذي عوض بمال آخر وقصد به الاكتساب عند المعاوضة أي المال المتجر به لان هذا هو الذي أخذ موضوعا للحكم في الاخبار دون المال الذي وقع عوضا فتفسيره بالمال الذي ملك بعقد معاوضة إلى آخره كما في المتن وغيره لا يخلو من مسامحة فكان منشأها أن مرجع إيجاب الزكاة في المال المضطرب الذي هو مفهوم مبهم بتقويم في ضمن الاشخاص التي يقع المعاوضة
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»