مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٦٥
قال و حملها الشيخ على الأرضين الخراجية فيفهم منه حينئذ القول بعدم وجوب الزكاة فيها كما هو المنقول عن أبي حنيفة ثم ذكر ساير الروايات المزبورة وقال و المنقول عن الشيخ حمل هذه الأخبار على نفي الزكاة في الحصة التي يأخذها السلطان بعنوان الخراج فيصير حاصل المعنى أن العشر لا يثبت في غلة الضيعة بكمالها . أقول: وكأنه لم يكن عند صاحب الحدائق وغيره ممن فهم من كلام الشيخ موافقة أبي حنيفة من نفي الزكاة في الأرضين الخراجية كتاب التهذيب أو لم يلاحظوا منه إلا ما جرى ذكره في كلام الشيخ توطئوا الجواب عن الاخبار النافية للزكاة على من أخذ السلطان منه الخراج ببيان مورد هذه الأخبار فإنه بعد أن استدل لما ذكره المفيد من أنه لا زكاة على غلة حتى تبلغ حدها ما يجب فيه الزكاة بعد الخرص والجذاذ وخروج مؤنتها وخراج السلطان بصحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم المتقدمة التي وقع فيها التصريح بأن كل أرض دفعها إليك السلطان ليس على جميع ما أخرج الله منها العشر إنما العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك أجاب عن الاخبار المنافية له الدالة بظاهرها على نفي الزكاة مطلقا بما ملخصه أن هذه الأخبار موردها الأرضون الخراجية والأرضون الخراجية لا تثبت الزكاة في جميع ما أخرج الله منها بل فيما يبقى له في يده فيكون قوله (ع) لا زكاة على من أخذ السلطان الخراج منه يعني لا زكاة عليه لجميع ما أخرجته الأرض وإن كان يلزمه فيما يبقى في يده انتهى ملخصا وهو توجيه وجيه ولكن قد يأبى عنه بعض الأخبار إن لم يكن جميعها ولكنه قدس سره وقد تصدى التوجيه ما لا يقبل هذا الحمل بوجه آخر ذكره جوابا عما في مرسلة ابن بكير من بعض الفقرات الغير القابل لهذا الحمل فقال ما لفظه فأما ما رواه على ابن الحسن بن فضال عن أخوية عن أبيهما عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام قال في زكاة الأرض إذا قبلها النبي صلى الله عليه وآله أو الامام بالنصف أو الثلث أو الربع فزكاتها عليه وليس على المتقبل زكاة إلا أن يشترط صاحب الأرض أن الزكاة على المتقبل فإن اشترط فإن الزكاة عليهم وليس على أهل الأرض اليوم زكاة إلا على من كان في يده شئ مما أقطعه الرسول صلى الله عليه و آله فليس هذا الخبر منافيا لما ذكرناه لان المراد بقوله وليس على المتقبل زكاة أنه ليس عليه زكاة جميع ما خرج من الأرض وإن كان يلزمه زكاة ما يحصل في يده بعد المقاسمة والذي يدل على ما قلناه الخبر الذي قدمنا عن محمد بن مسلم وأبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في حديثه وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر وإنما العشر عليك فيما يحصل فيدك بعد مقاسمته لك فكان هذا الخبر مفصلا والخبر الأول مجملا والحكم بالمفصل على المجمل أولى من الحكم بالمجمل على المفصل فأما ما تضمن هذا الحديث من قوله (ع) وليس على أهل الأرضين اليوم زكاة فإنه قد رخص اليوم لمن وجبت عليه الزكاة وأخذ منه ذلك السلطان الجائر أن يحتسب به من الزكاة وإن كان الأفضل إخراجه ثانيا لان ذلك ظلم ظلم به انتهى أقول يدل على جواز احتساب ما يأخذه الجائر من الزكاة أخبار كثيرة سيأتي التعرض لنقل بعضها إن شاء الله ولكن المراد بتلك الأخبار بحسب الظاهر ما يأخذه بعنوان الزكاة لا مطلقا فيشكل توجيه هذه الأخبار بالحمل على احتساب ما يأخذه الجائر من الزكاة فإن هذه الأخبار كالنص في إرادة نفي الزكاة على من أخذ منه الجائر الخراج بعنوان كونه خراجا لا صدقة نعم يحتمل قويا أن يكون نفي الزكاة عليه بملاحظة أن الظاهر من حال السلطان الذي يقبل الأرض على النصف أو الثلث مثلا إرادة المعاملة مع الزارع على أن يدفع إليه هذا المقدار عن جميع ما يستحقه من الزرع الحاصل في هذه الأرض أعم من الخراج والزكاة فيكون تقبيله بهذا المقدار في قوة الاشتراط بأن يكون زكاته عليه أي يكون العشر أيضا داخلا في جملة ما يأخذه إلا أن يصرح بخلافه بأن يشترط زكاته على المتقبل كما يومي إلى ذلك الموثقة المزبورة وكيف كان فلو لم يكن الاخبار المزبورة جارية مجرى التقية لكان ما ذكرناه في توجيهها من أوجه المحامل إن قلنا بصحة احتساب ما يأخذه الجائر من الزكاة كما هو الأظهر وسيأتي تحقيقه في المسألة الأولى من مسائل القسم الرابع إن شاء الله وكما لا تجب الزكاة إلا بعد إخراج حصة السلطان كذا لا تجب إلا بعد إخراج المؤن كلها على الأظهر لدى المصنف وغيره بل المشهور كما ادعاه غير واحد بل في مفتاح الكرامة بعد أن نقل القول به عن كثير من كتب القدماء والمتأخرين وعن جملة منها نسبته إلى المشهور قال بل لو أدعى مدعي الاجماع لكان في محله كما هو ظاهر الغنية أو صريحها انتهى خلافا للمحكي عن الشيخ في الخلاف وموضع من المبسوط وأبن سعيد في جامعه فقال فيما حكي عن خلافه كل مؤنة تلحق الغلات إلى وقت إخراج الزكاة على رب المال قال جميع الفقهاء الاعطاء فإنه قال المؤنة على رب المال والمساكين بالحصة دليلنا قوله عليه السلام فيما سقت السماء العشر أو نصف العشر فلو ألزمناه المؤنة لبقي أقل من نصف العشر إنتهى وعن موضع من مبسوطه إنه قال كل مؤنة تلحق الغلات إلى وقت إخراج الزكاة على رب المال دون المساكين ولكن حكي عن نهايته وموضع آخر من مبسوطه التصريح بموافقة المشهور وعن جامع ابن سعيد إنه قال والمؤنة على رب المال دون المساكين إجماعا إلا من عطاء انتهى وفي مفتاح الكرامة بعد نقل عبارة الخلاف وما ادعاه من الاجماع قال ما لفظه ولم يدع بذلك إجماع الأصحاب كما نقلوا عنه وأراد بجميع الفقهاء فقهاء العامة ولم يرد فقهائنا كما هو المعروف من طريقته لمن مارس كلامه فيه و كيف يدعي إجماع أصحابنا والفقيه والهداية والمقنعة وجمل العلم نصب عينيه بل قد سمعت كلامه في النهاية والمبسوط في موضع منه وقد شرح في التهذيب عبارة المقنعة ومنه يظهر وهن إجماع جامع الشرايع انتهى وكيف كان ففي المسألة قولان أحدهما استثناء المؤن كلها وهو المشهور والاخر عدمه وهو المنقول عن الشيخ في الخلاف وأبن سعيد في الجامع كما سمعت وعن جماعة من المتأخرين منهم الشهيد الثاني في فوائد القواعد وسبطه في المدارك ونجله في شرح الاستبصار وصاحب الذخيرة موافقتهما وقال شيخنا المرتضى (ره) وهذا القول لا يخلو من قوة ولكنه في ذيل كلامه نفى البعد عما ذهب إليه المشهور أحتج القائلون بعدم الاستثناء بأخبار العشر ونصف العشر ففي المدارك بعد أن اختار هذا القول قال لنا قوله عليه السلام في عدة أخبار صحيحة ما كان منه يسقى بالرشاء والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر وما سقت السماء أو السيح أو كان بعلا ففيه العشر تاما و لفظ ما من صيغ العموم فليتناول ما قابل المؤنة وغيره وأظهر من ذلك دلالة ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام لأنهما قالا له هذه الأرض التي يزارع أهلها ما ترى فيها فقال كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فيها فعليك فيما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر إنما العشر عليك فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك وهذه الرواية كالصريحة في عدم استثناء شئ مما يخرج من الأرض سوى المقاسمة إذ المقام مقام البيان واستثناء ما عسى أن يتوهم اندراجه في العموم انتهى وأجيب عن الأخبار الواردة في العشر ونصف العشر بكونها مسوقة لبيان مقدار الصدقة الواجبة في الغلات
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»