مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٥٧
الاخراج وهو حسن انتهى ما في المدارك وربما يلوح من غير واحد من المتأخرين الالتزام بلزوم الشرط بالمعنى المزبور والعبارة المحكية عن الشيخ أيضا غير أبيه عن الحمل عليه إذ ليس فيها تصريح بسقوطها عن المقترض نعم ظاهرها ذلك وكيف كان فربما يستدل له أيضا بصحيحة عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله يقول باع أبي من هشام بن عبد الملك أرضا كذا وكذا ألف دينار وأشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين إنما فعل ذلك لان هشاما كان هو الوالي وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال باع أبي أرضا من سليمان بن عبد الملك بمال فاشترط في بيعه ان يزكي هذا المال من عنده لست سنين وفيه إن هاتين الروايتين لا تخلو ان من الاجمال فان المستبعد جدا تعلق غرض الإمام عليه السلام بابقاء ذلك المال بعينه مكنوزا عنده حتى يحول عليه أحوال وصرف زكاته عن نفسه بوضعها على هشام المعلوم من حاله انه على تقدير أن يؤديها لا يضعها في موضعها فكان المقصود بهذا الشرط دفع شره عن نفسه بالتزامه بأن لا يأخذ منه شيئا لما جرت عادتهم على أخذه من أموال المسلمين باسم الزكاة من غير ملاحظة شئ من شرائطها كالذي يأخذ العشار من أموالهم مع إمكان أن يكون اشتراط الزكاة عليه الراجع إلى التزامه بعدم أخذها منه كالتزامه بعدم أخذ الخراج و المقاسمة من أرض أقطعها له موجبا لسقوطها فلا يقاس عليه اشتراطها على ساير الناس الذين ليس لهم الولاية على الصدقات كما ربما يشعر به قوله عليه السلام إنما فعل ذلك لان هشاما كان هو الوالي ويحتمل أيضا أن يكون المراد بزكاة ذلك المال عشر سنين أو ست سنين زكاته لما مضى من السنين التي كان ذلك المال مكنوزا عنده استظهارا في خلوص الثمن عن حق الفقراء وكيف كان فهاتان الصحيحتان من الاخبار المتشابهة التي يجب رد علمها إلى أهله فالذي يقتضيه التحقيق هو ان أراد القائل بلزوم الشرط ثبوت الزكاة على المقرض وسقوطها عن المقترض فهو فاسد لمخالفته المشروع وان أراد به المعنى الذي ذكره في المسالك أي وجوب تحمل المشروط عليه عن الديون بمقتضى شرطه فلا يبعد الالتزام بصحته في الجملة كما اعترف به في المسالك وغيره أخذا بعموم المؤمنون عند شروطهم وغيره فليتأمل. المسألة الخامسة: من دفن ما لا وجهل موضعه أو ورث ما لا ولم يصل إليه ومضى عليه أحوال ثم وصل إليه زكاة لسنة واحدة استحبابا وغيره فليتأمل. المسألة السادسة: إذا ترك نفقة لأهله نفقة سنتين أو ثلاث فما زاد فهي معرضة للاتلاف بالانفاق فإذا غاب عنها وأوكل امرها إلى أهله والحال هذه خرجت عرفا عن تحت سلطنته فقد ضعفت علاقة ملكيته بحيث لا يعد عرفا من أمواله الباقية تحت تصرفه بل يراها العرف بحكم التالف ولعله لذا تسقط الزكاة عنها مع غيبة المالك وتجب لو كان حاضرا كما هو المشهور ويدل عليه أخبار مستفيضة وقيل والقائل ابن إدريس تجب فيها على التقديرين وقد أشرنا إلى إن الأول مع كونه مشهور مروي في عدة أخبار ففي موثقة إسحاق بن عمار عن أبي الحسن الماضي (ع) قال قلت له رجل خلف عند أهله نفقة الفين لسنتين عليها زكاة قال إن كان شاهدا فعليه زكاة وإن كان غائبا فليس عليه زكاة وموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يخلف لأهله نفقة ثلاثة آلاف درهم نفقة سنتين عليه زكاة قال إن كان شاهدا فعليها زكاة و إن كان غائبا فليس فيها شئ وفي الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل وضع لعياله ألف درهم نفقة فحال عليها الحول قال إن كان مقيما زكاه وإن كان غائبا لم يزكه وفي المدارك بعد أن استدل للمشهور بموثقة إسحاق وأبي بصير قال وفي الروايتين قصور من حيث السند فيشكل التعلق بهما في اثبات حكم مخالف لمقتضى العمومات المتضمنة لوجوب الزكاة في ذلك في حالتي الغيبة والحضور من ثم ذهب ابن إدريس (ره) في سرائره إلى وجوب الزكاة فيه إذا كان مالكه متمكنا من التصرف فيه متى رامه كالمودع والمكنوز والواجب المصير إليه إن لم نعمل بالرواية الموثقة المؤيدة بعمل الأصحاب انتهى وحيث تقرر لدينا حجية مثل هذه الأخبار خصوصا بعد اعتضادها بعمل الأصحاب فلا يبقى مجال للاستشكال في الحكم المزبور وقد جعل العلامة في التذكرة كونها معرضة للاتلاف بنفسه هو الدليل عليه فكان وجهه ما تقدمت الإشارة إليه من أنه بعد ان دفع المال إلى الغير لينفقه في نفقته وغاب عنه خرج عرفا عن مصداق كونه عنده وفي يده بالمعنى الذي اعتبرناه في تعلق الزكاة به وهو لا يخلو من وجه والله العالم. المسألة السابعة: لا تجب الزكاة حتى يبلغ كل جنس من الزكاة بعينه نصابا كما يدل عليه الأدلة الدالة على اعتبار النصاب في كل جنس فلو ملك جميع الأجناس وقصر كل جنس منها أو بعضها عن النصاب لم يجبر بالجنس الاخر بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر بل في المدارك هذا قول علمائنا أجمع حكاه في المنتهى ووافقنا عليه أكثر العامة وقال بعضهم يضم الذهب والفضة لأنهما متفقان في كونهما أثمانا وقال آخرون يضم الحنطة والشعير لاشتراكهما في كونهما قوتا انتهى ويدل عليه مضافا إلى عموم الأدلة الدالة على اعتبار بلوغ النصاب في كل جنس خصوص صحيحة زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل عنده مأة وتسعة وتسعون درهما و تسعة عشر دينارا أيزكيها فقال لا ليس عليه زكاة في الدراهم ولا في الدنانير حتى تتم قال زرارة وكذلك هو في جميع الأشياء وقال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل كن عنده أربع أينق وتسعة وثلاثون شاة وتسعة وعشرون بقرة أيزكيهن قال لا يزكي شيئا منهن لأنه ليس شئ منهن تاما فليس تجب فيه الزكاة ولا يعارضها موثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) قال قلت له تسعون ومأة درهم وتسعة عشر دينارا أعليها في الزكاة شئ فقال إذا اجتمع الذهب والفضة فبلغ ذلك مأتي درهم ففيها الزكاة لان عين المال الدراهم وكل ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة والديات لقصورها عن المكافئة من وجوه هذا مع أنه لم ينقل القول بمضمونها عن أحد منا فيحتمل جريها مجرى التقية أو يكون المراد بها زكاة مال التجارة كما يناسبه ألفاظها واحتمل بعض كونها خاصا بمن جعل ماله أجناسا مختلفة كل واحد منها أقل من النصاب فرارا عن الزكاة مستشهدا لذلك بموثقته الأخرى عن أبي إبراهيم أيضا عن رجل له مأة درهم وعشرة دنانير أعليها زكاة فقال إن فربها من الزكاة فعليه الزكاة الحديث وفيه ما لا يخفى من البعد بل إباء ألفاظ الرواية عنه واما خبر الفرار فمحمول على الندب أو غيره من المحامل كما عرفته فيما سبق فراجع. القول في زكاة الغلات: والنظر في الجنس والشرط واللواحق أما الأول: فقد عرفت فيما سبق إنه لا تجب الزكاة فيما يخرج من الأرض إلا في الأجناس الأربعة الحنطة والشعير والتمر والزبيب لكن تستحب فيما عدا ذلك من الحبوب بما يدخل في المكيال والميزان كالذرة والأرز والعدس والماش وكذا السلت والعلس بناء على خروجهما عن مسمى الشعير والحنطة وقيل السلت كالشعير و العلس كالحنطة
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»