مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٣٤
في البرية فقال نعم ونحوها رواية أخرى له مسندة عن أبي عبد الله عليه السلام ورواية ثالثة له قال سئلت أبا إبراهيم (ع) عن الإبل العوامل عليها زكاة فقال نعم عليها زكاة لقصورها عن المكافئة وفي الوسائل نقل عن الشيخ أنه أجاب عنها بأن الأصل في هذه الأحاديث إسحق بن عمار يعني أنها حديث واحد فلا تتعارض الأحاديث الكثيرة ثم حملها على الاستحباب ثم قال ويحتمل الحمل على التقية أقول ولكن حملها على الاستحباب أشبه ثم إن الكلام في صدق العوامل على ما صرح به في الجواهر وغيره كالكلام في السائمة حتى إن خلاف الشيخ هناك في اعتبار الأغلب آت هنا وفي الحدائق نقل عن الشهيد في البيان أنه قال والكلام في اعتبار الأغلب هنا كالكلام في السوم ثم قال وقد صرح الشيخ في المبسوط على ما نقل عنه باعتبار الأغلب هنا كما ذكره ثمة أقول: أحالة اتصافها بكونها عاملة على العرف هاهنا أوضح من مسألة السوم التي قيل فيها بكون العلف يوما أو يومين منافيا له ضرورة عدم كون استعمال الإبل يوما أو يومين على إطلاقه ما لم تكن معدة لذلك مصححا لاتصافها بكونها عاملة على الاطلاق فالمدار على اتصافها بهذا الوصف عرفا فمتى أطلق عليها هذا الاسم خرج عما وضع عليها الزكاة وأنقطع به الحول ثم أن ظاهر المتن وغيره بل صريح جماعة عدم اعتبار أمر آخر غير ما ذكر خلافا للمحكى عن سلار فأعتبر الأنوثة وهو شاذ بل عن الدروس أنه متروك وما يقال من إن قوله (ع) في خمس من الإبل شاة يشهد له باعتبار تذكير العدد ففيه إن الإبل مؤنث لفظي قال الله تبارك وتعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وقال ابن هشام في التوضيح بعد أن ذكر إن مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسم جنس أو اسم خفض بمن تقول ثلاثة من التمر أكلتها وعشرة من القوم لقيته ما لفظه ممتزجا بكلام الأزهري في شرحه ويعتبر التذكير والتأنيث مع أسمي الجنس بحسب حالهما باعتبار عود الضمير عليهما تذكيرا و تأنيثا فيعطي العدد عكس ما يستحقه ضميرها فإن كان ضميرها مذكر أنث العدد وإن كان مؤنثا ذكر فتقول في اسم الجنس ثلاثة من الغنم عندي بالتاء في ثلاثة لأنك تقول غنم كثير بالتذكير للضمير المستتر في كثير وثلاث من البط بترك التاء لأنك تقول بط كثيرة بالتأنيث للضمير المستتر في كثيرة وتقول ثلاثة من البقر بالتاء أو ثلاث بتركها لان ضمير البقر يجوز فيه التذكير والتأنيث باعتبارين وذلك لان في البقر لغتين التذكير والتأنيث قال الله تعالى إن البقر تشابه علينا بتذكير الضمير وقرء تشابهت بتأنيثه إنتهى ومن هنا يظهر إنه لا يصح الاستشهاد للقول المزبور بما في الاخبار المزبورة من قوله فإذا زادت واحدة حيث وصف مفردها بالواحدة مع أنه لا واحدة للإبل من لفظها فإن مقتضى القاعدة المزبورة أنه إذا كان العدد واحدا أو اثنين أن يعطى عين ما يستحقه ضميرها من التذكير والتأنيث بأن يقال واحد من القوم لقيته وواحدة من الإبل والبط ذبحتها كما لا يخفى ويمكن الاستشهاد للقول المزبور بقوله (ع) في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج في خمس قلائص شاة الحديث إذ القلوص على ما صرحوا به لا يطلق إلا على الإناث ولكن يتوجه عليه أن تخصيص القلائص بالذكر بحسب الظاهر للجري مجرى الغالب من عدم إبقاء الجمال معطلة مرسلة في مرجها عامها كما ربما يشهد لذلك ما عن أبي عمير في الصحيح على الصحيح في حديث كان علي (ع) لا يأخذ من جمال العمل صدقة وكأنه لم يجب أن يؤخذ من الذكور شئ لأنه ظهر يحمل عليها فإنه من صدرها وذيلها إن علة عدم أخذ الزكاة منها كونها عوامل لا ذكوريتها مع أنه لا ظهور يعتد به في الصحيحة المزبورة في إرادة الاختصاص فإن أثباتها في القلائص لا يدل على نفيها في الذكور و إلا باعتبار ورودها في مقام إعطاء الضابط المناسب للتعميم لو كان الحكم عاما وليس هذا الظهور ظهورا يعتد به في مقابل إطلاقات الأخبار المعتبرة المستفيضة المعتضدة بالشهرة وعدم نقل خلاف يعتد به في المسألة ومفهوم التعليل الواردة في صحيحة عبد الرحمن وغير ذلك من الشواهد والمؤيدات وبهذا يظهر الجواب عن الاستشهاد برواية الأعمش المروية عن الخصال في حديث شرايع الدين عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال وتجب على البقر الزكاة إذا بلغت ثلاثين بقرة حولية فيكون فيها تبيع مع أن البقرة فرد من البقر الذي يطلق على الذكر والأنثى وتأنيث التبيعة إنما هو باعتبار لفظها فلا يفهم من ذلك إرادة خصوص المؤنث مع أنه أريد بها خصوص التبعية على وجه الانحصار لوجب رد علمها إلى أهله إذ لا يشترط في نصاب البقر كونها تبيعة حولية نصا وفتوى بلا شبهة وربما يؤيد المشهور أيضا مضافا إلى ما عرفت ما في غير واحد من الاخبار الآتية عند بيان فريضة النصاب السادس من أنه إن لم يكن فيها ابنة مخاض فأبن لبون ذكر إذ الظاهر أن المراد به أنه إذا لم تكن فيها ابنة مخاض وكان فيها ابن لبون ذكر أجزء ذلك فليتأمل. وأما الفريضة: فيقف بيانها على مقاصد. الأول: الفريضة في الغنم قد تقدم ذكرها وفي الإبل شاة في كل خمس حتى تبلغ خمسا وعشرين فإذا زادت واحدة كان فيها بنت مخاض وقد سمعت حكاية الخلاف في هذا النصاب عن بعض علمائنا مع ما فيه من الضعف فإذا زادت عشرا كان فيها بنت لبون فإذا زادت عشرا أخرى كان فيها حقة فإذا زادت خمس عشر كان فيها جذعة فإذا زادت خمس عشرة أخرى كان فيها بنتا لبون فإذا زادت خمس عشرة أيضا كان فيها حقتان فإذا بلغت مأة واحدى وعشرين طرح ذلك وكان في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون وقد تقدم جملة من الرويات الدالة على وجوب هذه الفرائض وعرفت فيما تقدم أن ما في بعض تلك الأخبار كصحيحتي عبد الرحمن بن حجاج وأبي بصير من الاقتصار في فريضة النصاب الأخير على قوله في كل خمسين حقة لا بد من حمله على ما لا ينافي غيرهما من المعتبرة المستفيضة التي وقع فيها التصريح بعدم انحصار الفريضة فيها بل هي في كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون وعرفت أيضا إن مقتضى التدبر في مفادها هو وجوب التقدير في هذا النصاب بما يحصل به الاستيعاب فإن حصل بكل منهما تخير ولو لم يحصل الاستيعاب بشئ منهما تحرى أكثرهما استيعابا وإن حصل بأحدهما أو بهما معا تعين كما أشار إليه المصنف (ره) بقوله ولو أمكن في عدد فرض كل واحد من الامرين كالمأتين والأربعمائة كان المالك بالخيار في إخراج أيهما شاء فإن ظاهره اختصاص التخيير بمثل هذا الفرض خلافا لما ذهب إليه غير واحد من متأخري المتأخرين من التخيير مطلقا اغترارا بما ينسبق إلى الذهن في بادي الامر من الاخبار المزبورة وقد عرفت ان الذي يقتضيه التحقيق خلافه وكيف كان فحيث حكمنا بالتخيير فهو للمالك كما صرح به غير واحد بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا بل عن التذكرة الاجماع عليه إذ ليس لأحد أن يلزمه بما لم يتعين عليه شرعا مع أن المنساق من الأدلة ليس إلا كون المالك مكلفا بإخراج الفريضة على حسب ما تعلق بها الطلب شرعا ومقتضاه كون التخيير راجعا إليه فما عن الخلاف والمبسوط من القول بتخيير الساعي على تقدير تحققه ضعيف إذ لا دليل عليه بل الأدلة على خلافه و في كل اثنين من البقر تبيعة وفي كل أربعين مسنة على المشهور بين الأصحاب بل في المدارك هذا قول العلماء كافة بل عن المنتهى دعوى الاجماع عليه وحكي عن ابن أبي
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»