الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٣٩٨
قوله تعالى " حتى يطهرن " (1) فيه دليل على أن الوطئ قبل ذلك محظور، والحال مثل ما روي أن يعلى بن أمية: قال لعمر مالنا نقصر وقد أمنا يعني الصلاة فقال عمر تعجبت مما تعجبت منه وسأل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، وهذا مذهب بعض الفقهاء، وآخرون يقولون إن جميع ذلك يعرف بدلائل اخر دون دلائل الخطاب المذكورة هاهنا، وفيه كلام كثير ليس هذا موضع ذكره، والدليل لو قرن به دليل لم يكن مناقضة ولو قرن باللفظ فحواه لكان ذلك مناقضة ألا ترى أنه لو قال في سائمة الغنم الزكاة وفي المعلوفة الزكاة لم يكن تناقضا، ولو قال فلا تقل لهما أف واضربهما لكان تناقضا، وكذلك لو قال هو مؤتمن على قنطار ثم قال يخون في الدرهم يعد تناقضا وقوله تعالى " ولا تظلمون فتيلا " (2) يدل فحواه على نفي الظلم فيم زاد على ذلك، ودلالة هذا كدلالة النص لان السامع لا يحتاج في معرفته إلى تأمل، وأما قوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر " (3) فمعناه فأفطر بعده، وقد جعله بعضهم فحوى الخطاب، وليس ذلك بفحوى عندهم ولكنه من باب الاستدلال ألا ترى أنك لو قرنت به فحواه لم يكن تناقضا فأما قوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " (4) فإنه يدل على المراد بفائدته لا بصريحه ولا فحواه وذلك أنه لما ثبت أنه زجر أفاد أن القطع هو لأجل السرقة وكذلك قوله تعالى " الزانية والزاني " (5).

(١) البقرة ٢: ٢٢٢. (٢) النساء ٤: ٧٧.
(٣) البقرة ٢: ١٨٤. (٤) المائدة ٥: ٣٨.
(٥) النور ٢٤: 2.
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست