الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٣٩٣
الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما وقيل أيضا معنى البيت أن من يفعل الخير يحمد ومن يفعل الشر يذم فجعل من المعنى الأول ويقال أيضا ضل عن الثواب ومنه قوله تعالى " كذلك يضل الله الكافرين " (1) والضلال بمعنى الضياع يقال هو ضال في قومه أي ضائع ومنه قوله تعالى " ووجدك ضالا فهدى " (2) أي ضائعا في قومك لا يعرفون منزلتك ويجوز أن يكون ضالا أي في قوم ضالين لان من أقام في قوم نسب إليهم كما قيل خالد الحذاء لنزوله بين الحذائين وأبو عثمان المازني لاقامته في بني مازن لم يكن منهم، وقال أبو علي رحمه الله: " ووجد ضالا فهدى " (3) أي وجدك ذاهبا إلى النبوة فهي ضالة عنك كما قال تعالى " أن تضل إحداهما " (4) وإنما الشهادة هي الضلالة عنها وهذا من المقلوب المستفيض في كلامهم ويكون الضلال الابطال ومنه " أضل أعمالهم " (5) أي أبطلها، ومنه " ألم يجعل كيدهم في تضليل " (6) ويقال ضللني فلان أي سماني ضالا، والضلال يتصرف في وجوه لا يتصرف الغي فيها.
1578 الفرق بين الغي والفساد: أن كل غي قبيح ويجوز أن يكون فساد ليس بقبيح كفساد التفاحة بتعينها ويذهب بذلك إلى أنها تغيرت عن الحال التي كانت عليها، وإذا قلنا فلان فاسد اقتضى ذلك أنه فاجر وإذا قلت إنه غاو اقتضى فساد المذهب والاعتقاد.

(١) غافر ٤٠: ٧٤. (٢ و ٣) الضحى ٩٣: ٧.
(٤) البقرة ٢: ٢٨٢. (٥) محمد ٤٧: ١.
(٦) الفيل ١٠٥: 2.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست