مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٥٧
أبي عبد الله عليه السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كل مسكر فكل مسكر حرام قلت فالظروف التي يصنع فيها منه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدبا والمزفت والختم والنقير قلت وما ذاك قال الدبا القرع والمزفت الدنان والختم جرار خصر والنقير خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها واستدل له أيضا بان للخمر حدة ونفوذا في الأجسام الملاقية له فإذا لم تكن الانية صلبة دخلت اجزاء الخمر باطنها ولا ينالها الماء وفى الأخير مالا يخفى فإنه بعد الغض عن انه كثيرا ما نقطع بوصول الماء إلى جميع المنافذ التي وصل إليها الخمر خصوصا لو وضعت الانية في كر أو جار إلى أن ارتوت من الماء * (يتوجه) * عليه ان غاية ما ذكر عدم قبول الاجزاء الباطنية التي لا يصل إليها الماء للتطهير وهذا لا يمنع من طهارة ظاهرها بالغسل ولا يوجب نجاسته ما يصب فيها وان وصلت إليها نداوته كما عرفته في محله وانما يقتضى نجاسته ما يترشح منها وهذا لا يقتضى المنع منى استعمالها كما هو واضح واما الروايتان فيتوجه على الاستدلال بهما أولا انه ليس فيهما تصريح بمناط النهى حتى يجعل ضابطا للحكم فلعل النهى عن الأواني المذكورة فيهما لكونها مما يتخلف فيه غالبا اجزاء الخمر فتمتزج مع ما يصب فيه أوانها تأثر بالخمر على وجه تؤثر في فساد ما يصب فيها بالنشيش والغليان وانقلابه خمرا ان كان نبيذا ونحوه مما يتأثر بإنائه أو غير ذلك من المحتملات لا عدم قبولها للطهارة كما زعمه المستدل وثانيا ان الجامع بين الأمثلة المذكورة في الروايتين ليس كونها رخوة يرسب فيها الخمر فان المزفت على ما فسره غير واحد هو الإناء المطلى بالزفت الذي هو من اقسام القير الذي لا خلاف على الظاهر في قبوله للتطهير وجواز استعماله بعد الغسل ولا ينافيه ما في الروايتين من تفسيره فان أوليهما لا تخلو عن تشابه واما ثانيتهما فلا يبعد ان يكون المراد بالدنان المذكورة فيها قسما خاصا معهودا لديهم لا مطلقها والا لعارضها الأخبار المستفيضة الآتية الصريحة في نفى البأس عنها وكذلك الختم بالحاء المهملة والنون الساكنة والتاء المثناة الفوقانية عليه ما فسره بعض هو من الأواني التي لا ينفذ فيه الماء وظاهر الصحيحة ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينه عن الختم فيتحقق التنافي بينها وبين الرواية الثانية في هذه الفقرة وعن النهاية أنه قال الختم جرار خضر مدهونة كانت يحمل فيها الخمر إلى المدينة ثم اتسع فقيل للخزف كله ختم واحده ختمة وانما نهى عن الانتباذ فيها لأجل دهنها وقيل إنها تعمل من طين يعجن بالدم والشعر فنهى عنها ليمتنع من عملها انتهى فالنهي المتعلق به على الظاهر لخصوصية أخرى غير عدم قبوله للتطهير فلابد من حمله على الكراهة إذ لا قائل بحرمة استعمال انية الخمر من غير هذه الجهة وثالثا انه يعارضهما الأخبار المستفيضة التي كادت تكون نصا في بعض ما تضمنه الخبران كموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح ان يكون فيه خل أو ماء أو كامخ أو زيتون قال إذا غسل فلا بأس وقال في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر قال يغسله ثلاث مرات وموثقة أخرى له عن أبي عبد الله عليه السلام في الإناء يشرب فيه النبيذ قال تغسله سبع مرات وكذا الكلب وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الشرب في الإناء يشرب فيه الخمر قدحا غيدان أو باطية قال إذا غسله فلا بأس قال وسئلته عن دن الخمر يجعل فيه الخ والزيتون أو شبهه قال إذا غسل فلا بأس ورواية حفص الأعور قال قلت لأبي عبد الله (ع) انى اخذ الركوة فيقال انه إذا جعل فيها الخمر وغسلت ثم جعل فيها النجتج كان أطيب له فنأخذ الركوة فنجعل فيها الخمر فنخضخضه ثم نصبه فنجعل فيها النجتج قال لا بأس به وخبره الاخر قال قلت لأبي عبد الله (ع) الدن يكون فيه الخمر ثم يجفف يجعل فيه الخل قال نعم بناء على أن يكون المراد انه يجعل فيه الخل بعد غسله والا فهذه الرواية مما يدل بظاهره على طهارة الخمر وقد تقدم في محله انه لابد من رد علم مثل هذه الروايات إلى أهله و * (كيف) * كان فلا شبهة في قبول أواني الخمر مطلقا للتطهير وجواز استعمالها بعد الغسل كسائر النجاسات * (نعم) * ربما يتعذر تطهير بعض الأواني بالماء القليل لخصوصية فيه من غير فرق بين ان يتنجس بالخمر أو بغيره كما لو كان داخله من قبيل الثياب قابلا لأن يستخرج غسالته بالدلك ونحوه وتعذر ذلك لضيق فمه كما أنه كثيرا ما يتفق ذلك في القرع حيث إن باطنه ربما يكون كالقطن قابلا للعصر فيشكل تطهيره بالماء القليل ولكن هذا أجنبي عن محل البحث لأن الكلام انما هو في جواز استعمال انية الخمر بعد غسلها على الوجه المعتبر في التطهير فالأشبه حمل النهى في الخبرين على الكراهة في خصوص مواردها من باب التعبد من غير إناطتها يكون الانية رخوة أو صلبة ولا يبعد الالتزام بكراهة مطلق الأواني التي يرسب فيه الخمر للخروج من شبهة الخلاف الذي عرفت انفا ان مرجعة إلى الاحتياط مع قوة احتمال ان يكون هذا هو المناط في تعلق النهى ببعض الأمثلة المذكورة في الروايتين والله العالم ويغسل الإناء من ولوغ الكلب وهو كما عن الصحاح شربه مما في الإناء بطرف لسانه ثلاثا أولاهن بالتراب على الأصح وقد اختلفت كلمات الأصحاب في كيفية تطهير الإناء من ذلك فذهب الأكثر كما في المدارك بل المشهور كما في الجواهر إلى ما عرفت وعن المفيد في المقنعة أنه قال يغسل ثلاثا وسيطهن بالتراب ثم يجفف وأطلق السيد في محكى الانتصار والشيخ في محكى الخلاف انه يغسل ثلاث مرات إحديهن بالتراب ولا يبعد انصرافه إلى المشهور وأولى بذلك ما عن الصدوق في الفقيه أنه قال يغسل مرة بالتراب ومرتين بالماء بل لا يبعد دعوى ظهور مثل هذه العبارة
(٦٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 662 » »»