مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٥٤
يقال بحكومتها على أصالتي الحل والطهارة فالقول بان هذا شئ لم يعلم حرمته ونجاسته ولكنه ليس بحلال ولا ظاهر مناقض للخبرين قلت الشئ المأخوذ موضوعا للحكمين هو الشئ المشكوك الحلية والطهارة لا المقطوع بعدهما كما هو الشان في جميع الأحكام الظاهرية المجعولة للشان وحيث الغى الشارع احتمال الحلية والطهارة ونزله منزلة العدم بواسطة اصالة عدم التذكية خرج المفروض من موضوع الأصلين حكما فكما استصحاب نجاسته شئ حاكم على قاعدة الطهارة كذلك استصحاب عدم طهارته أيضا حاكم عليها وكذلك الأصل الموضوعي الذي يترتب عليه هذا الامر العدى كما هو واضح لا يقال إن مقتضى عدم القول بالأصل المثبت عدم ترتيب الاحكام السلبية أيضا لأن ترتيب تلك الأحكام على اللحم الخاص موقوف على احراز عدم كون هذا اللحم مذكى ولا يحرز هذا بأصالة عدم التذكية لأنه ان أريد بأصالة عدم التذكية العدم الأزلي المجامع لحياة الحيوان وموته فليس من اثارها عدم طهارة هذا اللحم ولا عدم حليته فان هذا العدم كان حاصلا حال حيوة اللحم ولم يكن له شئ من الاثرين اما الأول فواضح لأن اللحم لم يكن حال حياته غير طاهر واما عدم اتصافه بالحلية الفعلية في حال حيوة حيوانه فلعدم صلاحية الحيوان الحي غالبا للاكل حتى يصح اتصافه بها لا لكونه فاقدا للتذكية واما ما كان صالحا لأن يبتلع حيا فالحكم بحرمة ابتلاعه كذلك لكونه فاقدا للتذكية يحتاج إلى مزيد تتبع وتأمل والحاصل ان الحكمين العدميين ليسا من اثار مطلق عدم التذكية بل من اثار قسم خاص وهو العدم المقارن لزهاق الروح وهذه الخصوصية لا تثبت باستصحاب العدم الأزلي وان أريد بها اصالة عدم اقتران زهاق روحه بشرائط التذكية فهذا من قبيل تعيين الحادث بالأصل ليس له حالة سابقة لأنا نقول انتفاء المسبب من اثار عدم حدوث سببه لا من اثار عدم سببية الشئ الخاص فعدم حلية اللحم الذي زهق روحه من اثار عدم حدوث ما يؤثر في حليته بعد الموت أي الموت المقرون بالشرائط وهذا المعنى المركب شئ حادث مسبوق بالعدم لا من اثار كون الموت فاقدا للشرط حتى لا يمكن احرازه بالأصل فلو بيع شئ بعقد يشك في صحته يحكم بعدم انتقال المبيع إلى المشترى لأصالة عدم صدور عقد صحيح مؤثر في النقل لا لأصالة عدم كون العقد الصادر صحيحا لأن هذا غير موافق للأصل كما هو واضح فيترتب على اصالة عدم حدوث سبب النقل عدم دخول المبيع في ملك المشتري وعدم جواز تصرفه فيه واما كونه غير داخل في ملكه الذي هو من لوازم هذا الامر العدى ويتفرع عليه حرمة الاستعمال فلا يثبت بهذا الأصل وانما يحكم به بواسطة الأصل الجاري فيه بنفسه لأنه في السابق لم يكن ملكا له وكان حراما عليه فيحكم ببقائه على ما كان ولو فرض عدم جريان الأصل فيه بنفسه لاشكل تفريع حرمته على اصالة عدم سبب النقل كما فيما نحن فيه وان شئت مثالا مطابقا للمقام مما لم يكن هو بنفسه مجرى الأصل وكان الأصل الجاري فيه اصالة عدم حدوث ما يوجب حليته * (فنقول) * لو حلل أمته لحر وشرط عليه رقية ولدها فولدت بنتا وشك في كون الشرط مخالفا للكتاب والسنة نقول مقتضى الأصل عدم جواز وطئها لأصالة عدم حدوث سببه وهو رقية البنت لكن لا يثبت بهذا كونها غير مملوكة فلو وطئها يشكل الحكم باستحقاقه للحد إذ لم يثبت بهذا الأصل كونها أجنبية حتى يثبت الاستحقاق للحد والحاصل ان ترتيب الآثار الثابتة لعنوان الميتة أو غير المذكى كالحكم بنجاسته الموجبة لتنجيس ملاقيه أو بحرمة الانتفاع به واستعماله في سائر الأشياء الغير المشروطة بالطهور على اصالة عدم التذكية في غاية الاشكال اللهم الا يدعى خفاء الواسطة وان العرف بمجرد عدم الاعتناء باحتمال حدوث سبب الحل والطهارة الذي هو عبارة أخرى عن اصالة عدم التذكية يرتبون على الشئ الذي يشك في تذكية اثار كونه غير مذكى من غير التفات إلى كون الآثار آثارا لهذا العنوان المشكوك التحقق الذي لا يحرز بالأصل هذا مع امكان ان يدعى ان عدم جواز الانتفاع بالميتة مطلقا من الاحكام السلبية المترتبة على اصالة عدم التذكية من غير واسطة لما يظهر من بعض الأخبار من اشتراط حلية الانتفاع بها مطلقا بالتذكية كمضمرة سماعة قال سئلته عن جلود السباع ينتفع بها قال إذا رميت وسميت فانتفع بجلده واما الميتة فلا فعلى هذا تنحصر ثمرة التفكيك بين الآثار ان قلنا به في تنجيس الملاقى وفى الآثار الخاصة التي هي من خواص ذات الحرمة من حيث هي كاستحقاق الجد لو كان لاكل الميتة أو استعمالها حد والا فلا فرق في مقام العمل بين ان يحكم بحرمة الانتفاع به أو يحكم بعدم جوازه وكيف كان فلا تأمل في جريان اصالة عدم التذكية ولزوم ترتيب الآثار المترتبة على هذا العنوان المحرز بالأصل واما كون الحكم بنجاسة الشئ الذي شك في تذكيته وحرمة الانتفاع به من تلك الآثار فهو لا يخلو عن تأمل ويشهد لاعتبار هذا الأصل مضافا إلى عموم أدلة الاستصحاب خصوص ما في ذيل موثقة ابن بكير الواردة في باب الصلاة وان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وكل شئ منه جايز إذا علمت أنه ذكى وقد ذكاه الذبح وبعض الأخبار الدالة على عدم حلية الصيد الذي ارسل إليه كلاب ولم يعلم أنه مات باخذ المعلم معللا بالشك في استنار موته إلى العلم والأخبار المستفيضة الدالة على اشتراط العلم باستناد القتل إلى الرمي والنهى عن الاكل مع الشك فيه خلافا فالصاحب المدارك فلم يعتمد على هذا الأصل اعتمادا على ما بنى عليه من عدم حجية الاستصحاب رأسا فإنه بعد أن ذكر ان
(٦٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 ... » »»