مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٢٨
فالأحوط بل الأقوى هو الصلاة في الثوب المشتبه فرارا من المخالفة القطعية وعدم صلاحية احتمال النجاسة في الفرض للمزاحمة وهل يجزيه صلاة واحدة في ثوب واحد من أطراف الشبهة وان تمكن من غيرها أيضا أم يجب عليه الاتيان بما تيسر وجهان بل قولان من أنه لما تعذر تحصيل القطع بالموافقة يحكم العقل بوجوب الاتيان ببعض المحتملات فرارا من المخالفة القطعية وهو يحصل بايجاد فرد منها فلا مقتضى لوجوب الأزيد لأن وجوب الاتيان بكل فرد لم يكن الا لكونه مقدمة علمية والمفروض تعذر تحصيل العلم فلا يجب مقدمته ومن أن مقتضى كون الشئ واجبا وجوب ايجاده في ضمن محتملاته بحيث يحصل القطع بفراغ الذمة وتعذر تحصيل القطع بالفراغ لعدم القدرة على الاحتياط باتيان جميع المحتملات انما يقتضي معذورية المكلف في المخالفة إذا تحققت في ضمن ما تعذر عليه أو تعسر لاغير وهذا هو الأقوى فيجب عليه تكرير الصلاة في الثياب المشتبهة إلى أن يقطع بسقوط التكليف اما للحرج والضرورة الرافعة له أو لحصول الامتثال وليس المقتضى لوجوب الاتيان بكل فرد فرد من المحتملات مجرد كونه مقدمة علمية حتى يسقط وجوبه بتعذر العلم بل المقتضى له احتمال حصول الواجب به وعدم كون جهله التفصيلي مانعا من حسن عقابه على المخالفة ما لم يكن له عذر مقبول فيجب على القول بالمنع من الصلاة في النجس أيضا تكريرها في الثياب التي يحتمل طهارتها مع الامكان لكن الأحوط على هذا القول إن لم يكن أقوى هو الصلاة عاريا ثم الاتيان بما تيسر من الصلاة في الثياب المشتبهة هذا إذا لم نقل بحرمتها ذاتا والا فلا يخلو الاتيان بما تيسر عن اشكال ويجب على المكلف ان يلقى الثوب النجس ويصلى عريانا إذا لم يتمكن من غيره ولم يكن مضطرا إلى لبس النجس ضرورة شرعية أو عرفية ولو بان يكون معه هناك شخص غيره ممن يشق عليه الصلاة بمحضره عاريا أو يجب عليه التستر منه لكونه غير مماثل أو ممن يطلع على عورته أو غير ذلك من الضرورات المانعة منه على المشهور كما ادعاه غير واحد بل عن الخلاف دعوى الاجماع عليه لاطلاق النهى عن الصلاة في النجس ومضمرة سماعة قال سئلته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه الا ثوب واحد و أجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع قال يتيمم ويصلى عريانا قاعدا يومى ايماء هكذا رواها في محكى التهذيب وعن الاستبصار روايتها نحوها الا ان فيه ويصلى قائما عريانا يومى ايماء وخبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه الا ثوب واحد وأصاب ثوبه منى قال يتيمم ويطرح ثوبه فيجلس مجتمعا فيصلي فيومي ايماء ونوقش في التمسك باطلاق النهى عن الصلاة في النجس بانصرافه عن مثل الفرض ومعارضته باطلاق أدلة اعتبار الستر والمنع من الصلاة عاريا المعتضد بالاعتبار حيث إن فوات الساتر أسوء من فوات صفته وباطلاقات أدلة الركوع والسجود وأجيب عن المعارضة بان أدلة الستر قد قيدت بالساتر الطاهر والمفروض انه غير متمكن منه فيسقط ولا معنى لمراعاة المطلق بعد العجز عن المقيد الا إذا اختصت الشرطية والتقييد بحال الاختيار وهو ممنوع في المقام لاطلاق أدلة طهارة الساتر وغيره من لباس المصلي مع أن وجود اطلاق في أدلة الستر بحيث ينفع في المقام ممنوع والاجماع على اعتباره كبعض الاخبار مختص بما إذا تمكن من الطاهر واما أدلة الركوع والسجود فهي مختصة بالمستور دون العاري فالركوع الحقيقي مشروط بعدم العراء وفيه انه يفهم من النص والاجماع اعتبار الستر في الصلاة الا ان يمنع منه مانع عقلي أو شرعي والطهارة ليست شرطا في الساتر من حيث كونه ساترا حتى يتقيد به اطلاق دليله بل هو شرط في مطلق لباس المصلي إذا كان مما يتم فيه الصلاة منفردا فيتحقق المعارضة في مثل المقام الذي يدور الامر بين اعتبار أحد الامرين كما لا يخفى وان شئت قلت إن معروفية اعتبار الستر في الصلاة ولو في الجملة بل وكذا الركوع والسجود ووضوح ان الشارع لم يلغ اعتبارها الا في مقام الضرورة مانعة من انصراف اطلاق النهى عن الصلاة في النجس إلى إرادة مثل الفرض كما لا يخفى على من راجع عوام المتشرعة الذين القى إليهم مثل هذه المطلقات والحاصل ان التمسك بالاطلاقات لاثبات جواز الصلاة عاريا ضعيف واما الاخبار فهي مع ضعف اسنادها وما في الأولين منها من الاضمار معارضة بما هو أقوى منها سندا وأكثر عددا منها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله دم يصلى فيه أو يصلى عريانا قال إن وجد ماء غسله وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا وصحيحة محمد بن علي الحلبي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله قال ويصلى فيه وصحيحته الأخرى قالت سئلت عن رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره قال يصلى فيه فإذا وجد الماء غسله وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل بجنب في ثوب ليس معه غيره ولا بقدر على غسله قال يصلى فيه و قد حمل الشيخ هذه الأخبار على ما حكى عنه على الضرورة من برد ونحوه أو على صلاة الجنازة وخبر علي بن جعفر على الدم المعفو عنه كدم السمك ونحوه ولا يخفى ما في الأخيرين من البعد واما حملها على الضرورة وان أمكن ارتكابه في بعض لكن بعضها كصحيحة علي بن جعفر أبية عن ذلك وربما يستشهد للجمع بين الاخبار بحمل هذه الروايات على الضرورة برواية الحلبي قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه ثوب غيره قال يصلى فيه إذا اضطر إليه بدعوى ظهورها في إرادة الاضطرار إلى لبس الثوب وفيه منع ظهورها
(٦٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 623 624 625 626 627 628 629 630 631 632 633 ... » »»