مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١٧
ثم ليغسله ويؤيده بل يدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلى قال لا يؤذنه حتى ينصرف وصحيحة العيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما ثم إن صاحب الثوب اخبره انه لا يصلى فيه قال لا يعيد شيئا من صلاته ولا يعارض هذه الروايات صحيحة وهب بن عبد ربه عن الصادق (ع) في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم به صاحبه فيصلى فيه ثم يعلم بعد قال يعيد إذا لم يكن علم وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن رجل صلى وفى ثوبه بول أو جنابة فقال علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم لقصورهما عن المكافئة خصوصا مع اعراض المشهور عن ظاهرهما وقبولهما للتأويل بالحمل على الاستحباب دون ما يقارضهما من الأخبار المتقدمة فإنها صريحة في عدم وجوب الإعادة وقد يتوهم امكان الجمع بين الاخبار بحمل الروايتين الآمرتين بالإعادة على الإعادة في الوقت والأخبار النافية للإعادة على إرادة ما بعد الوقت فيستدل بذلك للقول بالتفصيل بين الوقت وخارجه وفيه أولا ان هذا النحو من الجمع المستلزم للتصرف في ظاهر كل من الدليلين يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود في المقام ومجرد كون الإعادة في الوقت متيقن الإرادة مما ورد فيه الامر بالإعادة لا يصلح ان يكون شاهدا للجمع بين الاخبار المتنافية بظاهرها والا لأمكن الجمع في جل الاخبار المتناقضة بل كلها بهذا الوجه وتمام التحقيق موكول إلى محله وثانيا انه لا يمكن حمل الاخبار الباقية للإعادة مع كثرتها واستفاضتها على إرادة خصوص ما بعد الوقت لا لمجرد إبائها عن التقييد وكون الخبرين الأخيرين محمولين على الاستحباب أقرب من التصرف في تلك الأخبار بل لأن بعضها نص في إرادة الاطلاق كخبر أبي بصير الذي وقع فيه السؤال عمن علم بوجود جنابة أو دم بعد أن فرغ من صلاته فان مقصود السائل في هذه الرواية هو السؤال عن حكم ما لو علم بوجود النجاسة بعد الفراغ من صلاته في مقابل ما لو علم بها في أثناء الصلاة كما يشهد بذلك ما سئله أولا عن أبي عبد الله (ع) في رجل صلى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثم علم به قال عليه ان يبتدء الصلاة قال وسئلته عن رجل يصلى وفى ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم قال مضت صلاته ولا شئ عليه فيكف يمكن حمل مثل هذه الرواية على إرادة ما لو علم بها بعد خروج الوقت وأصرح من ذلك في إرادة الاطلاق صحيحة زرارة المتقدمة المصرحة بنفي الإعادة عند وجدان النجاسة بعد أن صلى مع كونه ظانا بإصابتها حال الصلاة فان ما فيها من تعليل نفى الإعادة بأنه كان حال الصلاة مكلفا باستصحاب الطهارة يجعلها نصا في المدعى ويستفاد من هذا التعليل ان الطهارة الخبيثة المعتبرة في الصلاة انما هي كون المكلف متطهرا في مرحلة الظاهر بحسب ما يقتضيه تكليفه لا الطهارة الواقعية والا لم يكن الاستصحاب علة الا لشرعية الصلاة مع الشك لا لعدم الإعادة بعد انكشاف الخلاف الا على القول بان الامر الظاهري يقتضى الاجزاء ومن هنا زعم بعض صحة الاستدلال بهذه الصحيحة لهذا القول غفلة عن استقامة التعليل على تقدير كون الطهارة الظاهرية شرطا واقعيا للصلاة كما يقتضيه ظاهر التعليل من غير ابتنائه على تلك القاعدة وان شئت قلت إن الاجزاء في خصوص المورد مسلم ولا ملازمة بينه وبين ساير الموارد وكيف كان فالصحيحة صريحة في المدعى ولا أقل من كون ارتكاب التقييد فيها بل وكذا في غيرها من الأخبار المتقدمة بحملها على نفى الإعادة بعد خروج الوقت ابعد من حمل تلك الروايتين الآمرتين بالإعادة على الاستحباب فالأولى حملها عليه وان لا يخلو هذا أيضا عن اشكال لولا البناء على المسامحة فان الاخبار التي ورد في بعضها الامر بالإعادة وفى بعضها الاخر النهى عنها يعدان عرفا من المتعارضين الذين ورد فيهما الاخبار العلاجية بل المفروض في مورد بعض تلك الأخبار انما هو مثل الفرض وقد أمرنا في تلك الأخبار بطرح المرجوح منهما ورد علمه إلى أهله ففيما نحن فيه يجب طرح الخبرين الذين ورد فيهما الامر بالإعادة لأرجحية ما يعارضهما من جهات فيتأمل هذا مع ما في متن الروايتين من التشويش الموجب للريبة المانعة من الاعتماد على ما يترائى منهما من رجحان الإعادة فان ذكر الشرطية في صحيحة وهب مع أنه لم يقصد بها المفهوم حيث إن الإعادة مع العلم أولى غير مناسب بل كان المناسب التعبير بان الوصلية ولذا احتمل بعض سقوط كلمة لا من العبارة أو كونه استفهاما انكاريا كما لا يبعد ارادته من هذا النحو من التعبير ويحتمل قويا كون الصحيحة مسوقة لبيان حكم الفرع المعنون في كلمات الفقهاء وهو ما لو رأى الجنابة بثوبه المختص فقوله (ع) يعيد إذا لم يكن علم يعنى ان الشخص الذي فرضه السائل وهو من أصاب ثوبه جنابة ولم يعلم بها فصلى فيه ثم علم بذلك بعد الصلاة يعيد صلاته إذا لم يكن علم بذلك من أصله يعنى لم يكن عالما بأصل الجنابة احترازا عما لو كان عالما بها مغتسلا منها فلا يعيد ح واما خبر أبي بصير فيحتمل قويا بل ظاهره كون قوله (ع) علم أو لم يعلم استفصالا عن مورد السؤال وتشقيقا لموضوع الحكم فقوله (ع) فعليه إعادة الصلاة إذا علم بيان لاحد الشقين بالمنطوق وللشق الاخر بالمفهوم فلا يكون منافيا لساير الاخبار ولا ينافي هذا التوجيه ما في بعض النسخ من نقل متن الرواية هكذا فعليه الإعادة إعادة الصلاة إذا علم فإنه على تقدير صحتها وان كان ظاهرها كون الفقرة الثانية تأكيدا للفقرة الأولى وكون الشرطية جارية مجرى العادة من وقوع الإعادة بعد العلم بالخلل الذي هو شرط عقلي في تنجز التكليف فتكون الشرطية مسوقة لبيان تحقق موضوع التكليف بالإعادة لكن مع ذلك حمل الفقرة الثانية على كونها بيانا لفقرة الأولى وجعل الشرطية شرطية حقيقية أولى جمعا بينها وبين
(٦١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 612 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 ... » »»