مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١٥
أو غسله للصلاة إرادة كونه شرطا تعبديا من غير جهة النظافة ينافيه سياق الاخبار فإنها تشهد بان الامر بالنضح مع الجفاف كالأمر بالغسل مع الرطوبة انما هو لإزالة الأثر الشرعي الحاصل بالملاقاة فحيث علم أن الأثر الحاصل بالملاقاة مع الجفاف لم يبلغ مرتبة يجب التنزه عنه في الأشياء المشروطة بالطهور فهم من ذلك ان الامر بإزالته بالنضح ليس الا للاستحباب ولذا لم يفهم المشهور من هذه الأخبار ونظائرها مما ورد فيه الامر بالنضح الا ذلك وان شئت قلت إن اعراض المشهور عن هذا الظاهر وحملهم للامر على الاستحباب يكشف عن عثورهم على قرينة داخلية أو خارجية أرشدتهم إلى ذلك فما في الحدائق من الالتزام بوجوبه تعبدا ضعيف وقد ظهر بما أشرنا إليه من أن النضح ليس شرطا تعبديا محضا بل لإزالة نحو من القذارة التي لم تجب ازالتها ان الامر بنضح الثوب انما هو لكونه أقل المجزى والا فالغسل أو صب الماء عليه أبلغ في تنظيفه فيغنيه ذلك عن النضح بلا تأمل وقد ورد الامر بصب الماء على الثوب الذي اصابه الكلب في صحيحة أبي العباس فهو بحسب الظاهر لبيان الاجتزاء بالصب وعدم الحاجة إلى الغسل فلم يقصد بها ارادته بالخصوص بحيث ينافيه الأخبار الدالة على كفاية النضح ويحتمل ارادته بالخصوص لكونه أولى وأفضل ويحتمل أيضا ان يكون المراد بالصب ما يعم النضح توسعا وكيف كان فالظاهر أنه يكفي مطلق النضح ولا يعتبر فيه الاستيعاب لاطلاق النصوص والفتاوى وما يظهر من بعض من اعتبار الاستيعاب ليكون بمنزلة الصب حتى لا يتحقق التنافي بين الاخبار الامرة به و بين ما ورد فيه الامر بالصب ضعيف لاستلزامه ارتكاب خلاف الظاهر في جميع الأخبار نعم لو قيل بأنه يتحقق بالنضح المستوعب مفهوم الصب أمكن ان يقال بان تقييد اطلاق النضح بالرواية التي ورد فيها الامر بالصب أولى من ارتكاب مخالفة الظاهر في هذه الرواية بحمل الصب على المعنى الأعم أو غيره من المحامل فان التقييد أهون من سائر التصرفات ولا ينافيه كون الصب أعم من النضح من وجه حيث لا يصدق على الماء المتصل اجزائه الملقى على الثوب دفعة اسم النضح ويصدق عليه اسم الصب لما عرفت من أن الامر بالنضح لكونه أقل المجزى لا لكونه متعينا لكن يتوجه على ذلك مضافا إلى منع الصغرى ما مر مرارا من أنه لا مقتضى لحمل المطلق على المقيد في المستحبات بل مقتضى الأصل ابقاء كل من المطلق والمقيد على ظاهره ولا منافاة فان المانع من ابقاء المطلق على اطلاقه انما هو الالزام بخصوص المقيد دون مجرد محبوبيته التي ينبعث منها الامر الاستحبابي فإذا ورد مثلا ان أفطرت فاعتق رقبة وورد أيضا ان أفطرت فاعتق رقبة مؤمنة وكان التكليف الزاميا نقول إذا تعين الاتيان بالمقيد في مقام الخروج من عهده هذا التكليف الوجوبي أعني كفارة الافطار كما هو مقتضى ظاهر الامر بالمقيد امتنع الاجتزاء باي فرد يكون من افراد المطلق كما يقتضيه اصالة الاطلاق في المطلق فيكشف ذلك عن أن مراد الامر بقوله أعتق رقبة لم يكن الا بيان أصل الحكم في الجملة على سبيل الاهمال وقد بين تمام مراده بذكر المقيد فيكون المقيد قرينة كاشفة عما أريد بالمطلق هذا إذا أريد من المقيد ظاهره وهو الوجوب التعييني واما ان لم تكن الخصوصية المتقيد بها المطلوب مقصودة بالالزام بان كان الامر المتعلق به بالخصوص ندبيا بلحاظ كونه أفضل الافراد أو وجوبيا تخييريا فلا يتحقق التنافي بينه وبين إرادة الاطلاق من المطلق فيدور الامر في الفرض بين رفع اليد عن اصالة الاطلاق وبين التصرف في ظاهر المقيد والأول أولى الا لمجرد كونه أشبع بل لأن ظهور المطلق في الاطلاق موقوف على عدم بيان إرادة المقيد حتى يتمشى فيه دليل الحكمة المقتضى لحمل المطلق على الاطلاق والمقيد بظاهره بيان لما أريد من المطلق فيكون ظهور المقيد في الوجوب التعييني حاكما على ظهور المطلق في الاطلاق هذا إذا كان التكليف من أصله الزاميا واما إذا كان ندبيا فالطلب المتعلق بالمقيد على تقدير كون الخصوصية مقصودة بالطلب لا يقتضى الا كون هذا الفرد بالخصوص مستحبا ولا منافاة بينه وبين إرادة الاطلاق من المطلق لجواز ان يكون للطبيعة بلحاظ تحققها في ضمن أي فرد تكون مرتبة من المحبوبية مقتضية للامر بها امرا ندبيا أو الزاميا وأن يكون لبعض افرادها مزية مقتضية للامر بايجاده في مقام الامتثال امرا ندبيا فيكون هذا الفرد أفضل الافراد فلا يستكشف من الامر الندبي المتعلق بالمقيد ان مراد الامر بأمره المطلق هو هذا المقيد بالخصوص فلا يصلح ان يكون هذا الامر الندبي لأن يكون بيانا للمطلق حتى يكون ظهوره حاكما على اصالة الاطلاق كما لا يخفى على المتأمل واما البحث في البدن إذا كان ملاقيا للكافر وأخويه فيغسل من ملاقاتها إذا كان أحد المتلاقيين رطبا رطوبة مسرية كما هو واضح وقيل يمسح بالتراب ان كان كل من المتلاقيين يابسا وجوبا كما عن ظاهر بعض القدماء واستحبابا كما يظهر من بعضهم على ما حكى ولا يبعد ان يكون هذا هو مراد الجميع وان عبروا بما يشعر بالوجوب وربما الحق بعضهم بها الفارة والوزغة والأرنب وعن المبسوط استحباب ذلك من كل نجاسة ولم يثبت ذلك في شئ منها لا وجوبا ولا استحبابا حيث لم نقف على ما يدل عليه في شئ منها عدا ما ستسمعه في الكافر ولكن مع ذلك لا يبعد الالتزام باستحبابه مسامحة اعتمادا على فتوى هؤلاء الأعاظم الذين لا يظن بهم صدور مثل هذا الحكم منهم لاعن مستند وربما يستدل عليه في خصوص الكافر بخبر القلانسي قلت لأبي عبد الله (ع) القى الذمي فيصافحني قال امسحها بالتراب وبالحائط قلت فالناصب قال اغسلها بعد الغاء خصوصية الذمي كخصوصية المصافحة لكن مقتضاه استحباب الغسل في الناصب دون المسح ولا يبعد ان يكون الامر به لكونه أفضل لا متعينا والله العالم وإذا أخل المصلى بإزالة النجاسة التي يجب ازالتها عن ثوبه وبدنه فاما ان يكون عالما بها أي بوجود تلك النجاسة في ثوبه وبدنه ملتفتا إليه حال الصلاة واما ان يكون ناسيا لها حال الصلاة
(٦١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 620 ... » »»