مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٦٧
المعاشرة كما لو مات أحدهم في مفازة لم يطلع عليه الا آحاد من المسلمين بحيث لم يترتب على غسله الا أداء التكليف فيما بين العبد وبين ربه من تلك الأدلة في غاية الاشكال بل في حيز المنع بل لا يبعد دعوى دلالة جملة من الاخبار الصادرة عن الأئمة على خلافه فان غاية ما يمكن استفادته من تلك الأدلة انما هو وجوب المعاملة معهم معاملة المسلمين صورة من جهة المداراة معهم لدفع شرهم أو جلب قلوبهم إلى الايمان أو توقف انتظام امر المعاش عليه أو غير ذلك من الفوائد المترتبة على حسن المعاشرة لا انه يجب علينا ترتيب اثار كونهم مسلمين في الواقع والا لكان الواجب علينا السعي في تغسيلهم غسل أهل الحق وهو خلاف ما صرح به جملة من الأصحاب فالانصاف ان القول بوجوب غسلهم من حيث هو لولا الاجماع مشكل نعم ربما يجب من باب المماشاة والتقية وحسن المعاشرة ونحوها لا لكونه غسل الميت من حيث هو ولذا لا ينبغي الاشكال في أن الواجب انما هو تغسيلهم غسل أهل الخلاف الزاما لهم بما في مذهبهم إذ لا يترتب على تغسيلهم غسل أهل الحق شئ من الفوائد المقصودة من الامر بتغسيلهم اللهم الا ان يتوقف المداراة وحسن المعاشرة والتوقي من شرهم عليه نعم لا ينبغي الاستشكال في أنه يستفاد من تلك الأخبار انه لو تحقق غسلهم في الخارج على ما يقتضيه مذهبهم سواء كان بفعلنا أو بفعلهم يترتب عليه اثر الغسل الصحيح فيطهر بدنه ظاهرا كحال حياته ولا يجب الغسل بمسه إلى غير ذلك من الآثار كما أنه لا اشكال في ترتب الآثار عليه لو غسل بغسل أهل الحق ان ثبت مشروعيته باجماع ونحوه والا ففيه اشكال ولا يجديه القول به من باب الاحتياط والمسامحة كمالا يخفى * (وليعلم) * انه لا منافاة بين القول بوجوب غسلهم كفاية وبين ما صرحوا به من كراهة تغسيل المخالف فان المقصود بالثاني كراهة مباشرته على تقدير وجود من يقوم بايجاده لا مطلقا فيكون مباشرة الغسل حال وجود من به الكفاية من العبادات المكروهة التي عرفت توجيهها غير مرة * (وليعلم) * أيضا انه قد استثنى مما تقدم من تغسيل كل مسلم الشهيد الذي قتل بين يدي الامام ومات في المعركة فإنه لا يغسل ولا يكفن لو لم يكن مجردا من الثياب كما ستعرفه في محله [انش‍] ويصلى عليه بلا خلاف بل في الجواهر اجماعا في الجميع محصلا ومنقولا مستفيضا ان لم يكن متواترا كالاخبار انتهى والمراد بقتله بين يدي الإمام (ع) التمثيل والا فلا ريب في عموم الحكم بالنسبة إلى من قتل بين يدي النبي صلى الله عليه وآله أو النائب عنهما بالخصوص بل لا ينبغي الاستشكال في اطراد الحكم بالنسبة إلى كل من قتل في سبيل الله في كل جهاد بحق ولو في حال الغيبة كما لو دهم المسلمين عدو يخاف منه على بيضة الاسلام كما عن صريح جماعة وظاهر آخرين بل عن ظاهر الغيبة أو صريحها الاجماع عليه ويشهد له اطلاق حسنة أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد فإنه يغسل ويكفن ويحنط ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلى عليه ونحوه في ذلك خبره الاخر قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الذي يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفن ويحنط قال يدفن كما هو في ثيابه الا ان يكون به رمق الحديث ومضمر أبى خالد قال اغسل كل الموتى الغريق وأكيل السبع وكل شئ الا ما قتل بين الصفين فإن كان به رمق غسل والا فلا ولا ينافي هذه الاطلاقات ما في جملة من الاخبار من اثبات هذا الحكم للشهيد بناء على اعتبار اذن الامام أو نائبه في مسماه كرواية أبى مريم عن الصادق (ع) أنه قال الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن حنط وصلى عليه وان لم يكن به رمق كفن في أثوابه ورواية عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) ينزع عن الشهيد الفرو والخف والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل الا ان يكون اصابه دم ترك ولا يترك عليه شئ معقود الا حل ومرسلة الطبرسي في مجمع البيان قال قال النبي صلى الله عليه وآله في شهداء أحد زملوهم بدمائهم وثيابهم ضرورة عدم التنافي بين المثبتين فهذه الروايات على تقدير تسليم الدعوى المذكورة ليست الا كالاخبار الواردة في الوقايع الخاصة مثل المستفيضة الواردة في قضية عمار وعتبة أو هاشم بن عتبة من أن عليا (ع) لم يغسلهما يوم صفين ودفنهما في ثيابهما هذا مع أن الدعوى المزبورة ممنوعة على مدعيها أشد المنع فما في هذه الروايات من الاطلاق أيضا شاهد للمختار نعم المراد من جميع الأخبار على ما يشهد به متونها من المقتول في سبيل الله ليس الا المقتول في الجهاد لا مطلق من بذل نفسه في طاعة الله من غير جهاد فإنه يجب غسله كغيره بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن المعتبر والتذكرة دعوى الاجماع عليه ويؤيده رواية العلا ابن سبابة عن رجل قتل وقطع رأسه في معصية الله أيغسل أم يفعل به ما يفعل بالشهيد فقال إذا قتل في معصية الله يغسل أولا منه الدم ثم يصب عليه الماء صبا الحديث فهذا ممالا اشكال فيه بل لعل المتبادر من القتل في سبيل الله ليس الا إرادة الجهاد نعم لا يعتبر على الظاهر كونه عند تقابل العسكرين فلو قتل واحد من عسكر المسلمين قبل تقابل العسكرين مثلا كما لو كان عينا لهم فالظاهر شمول اطلاق الاخبار له وان كان ربما يستشعر من قوله (ع) الا ما قتل بين الصفين خلافه لكن لا يبعد جرى هذه الرواية مجرى الغالب ثم إن المعتبر انما هو موته قبل ان يدركه المسلمون كما نطق به جملة من الأخبار المتقدمة لكن لا يبعد ان يكون المراد من ادراكه المسلمون اخراجه من المعركة أو ادراكه حيا بعد انقضاء الحرب عند تفقد القتلى لا مجرد الحضور عنده في أثناء الحرب وبه رمق وقد مات في المعركة كما يشهد له اطلاق قوله (ع) في رواية أبى خالد الا ما قتل بين الصفين خلافا لظاهر المحكى عن جماعة من القدماء والمتأخرين فاكتفوا في وجوب التغسيل بمجرد ادراكه حيا ولو في أثناء الحرب لاطلاق الاخبار وفيه نظر لما أشرنا من امكان دعوى ان المتبادر منها ليس الا إرادة ما عرفت ويؤيده بل يشهد له قضية عمار فان الظاهر حضور المسلمين عنده
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»