مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٧١
فإذا كان البدن فصل عليه وان كان ناقصا من الرأس واليد والرجل وهذه الروايات أيضا خصوصا الأخيرة لا يتبادر منها الا إرادة بيان ان ما فيه القلب أو البدن الناقص يصلى عليه لكون بمنزلة التام كما وقع التصريح بذلك في عبائر الاعلام فيفهم منها وجوب ساير التجهيزات يكون تخصيص الصلاة بالذكر لكونها أخص لدى الشارع والمتشرعة وان أبيت عن ظهور الروايات فيما ادعيناه فلا أقل من اشعارها بذلك وعند اعتضاده بفهم الأصحاب وغيره من المؤيدات لا تقصر عن حد الدلالة ولذا يتجه القول بدلالة الروايات كفتاوى الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية بوجوب التحنيط أيضا لكن فيما بقي من موضوعه إذ لا يعقل الامر بالحنوط بالنسبة إلى الاجزاء الفاقدة وقيام جزء اخر مقام الفاقد يحتاج إلى دليل كما أنه يجب تكفينه أيضا كذلك بمعنى انه يسقط اعتبار المئزر مثلا لو لم يبق من موضوعه المقصود بالأصالة شئ وجواز شده من الصدر لا يقضى بقيام الصدر مقام موضعه الأصلي عند التعذر فما عن الروض من الالتزام به ضعيف وربما نسب ذلك إلى ظاهر الأصحاب نظرا إلى اطلاق قولهم بوجوب التكفين المنصرف إلى إرادة القطع المعهودة وفيه ان عدم قابلية المحل قرينة العدم إرادة ما لم يبق محله نعم لو بقي من موضعه جزء ولو يسيرا يجب فان مالا يدرك كله لا يترك كله وكيف كان فلا مجال للتشكيك في دلالة الروايات ولو بمعونة القراين الخارجية على أن صدر الميت بالمعنى المتقدم أي النصف الا على من بدنه المشتمل على الصدر الذي هو محل القلب بل وكذا النصف الأسفل لو كان كذلك بحكم الميت في ساير تجهيزاته وان خلى عن الأطراف والظاهر عدم إناطة الحكم ببقاء القلب فيه بالفعل وان كان ظاهر جملة من الاخبار التي تقدم بعضها وسيأتي بعضها الاخر التي ورد الامر فيها بالصلاة على الجزء الذي فيه القلب إرادة وجود القلب فيه بالفعل لا مجرد موضعه لكن لا دلالة فيها على إرادة إناطة الحكم بوجود القلب بالفعل وجودا وعدما إذ لا ظهور لمثل هذه الأخبار في إرادة الحد الاصطلاحي لما هو مناط الحكم فهذه الروايات ونظائرها كمرسلة عبد الله بن الحسين عن أبي عبد الله (ع) قال إذا وسط الرجل نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب وذيل رواية خالد الآتية لا تدل الا على ثبوت الحكم عند وجود القلب بالفعل لا انتفائه عند انتفائه حتى يتحقق المعارضة بينها وبين ما يدل على وجوب الصلاة على من فقد قلبه نعم يفهم من هذه الروايات ان المدار ليس على خصوص النصف الا على من البدن بل على الجزء المعظم الذي يكون فيه القلب عند توسيطه نصفين ولا ضير في الالتزام به فان الصدر أيضا يكون [ح] مع ذلك الجزء ولو بعضه المعتد به فلا معارضة بين الأخبار المتقدمة من حيث المفاد نعم لابد من تقييد قوله (ع) في رواية أبى طلحة فإذا كان البدن فصل عليه بإرادة معظمه المشتمل على القلب والصدر ولو بعضه المتعد به الذي يكون القلب في تجاويفه سواء كان ذلك الجزء النصف الا على أو الأسفل بقرينة غيرها من الاخبار كما أنه لابد من تنزيل اطلاق ما في بعض هذه الأخبار من الصلاة على الجزء الذي فيه قلبه على مالا ينافي غيرها كما هو الغالب فالذي يفهم من مجموع هذه الروايات انما هو كون الجزء المعظم من بدن الميت المشتمل على القلب والصدر ولو في الجملة بحكم الميت واما كون خصوص الصدر كذلك فلا بل لعله ينافيه بعض هذه الروايات كمالا يخفى على المتأمل واما ما ادعيناه من أن الظاهر عدم إناطة الحكم ببقاء القلب فيه بالفعل فليس لأجل استفادته من الأخبار المتقدمة فإنها في حد ذاتها قاصرة عن اثبات ذلك حتى الرواية الأولى فان الغالب في مثل ما فرضة السائل وجود القلب فيه بالفعل فلا يفهم منها عدم مدخليته في موضوعية الموضوع ولا للاجماعات المنقولة الظاهرة أو الصريحة في عدم اعتبار وجوده بالفعل كي يناقش فيها بعدم الحجية بل للأخبار المستفيضة الدالة على أن المناط في تربت الأحكام انما هو وجود العظام سواء كان معها اللحم أم لم يكن والقلب من اللحم فلا يعتد بعدمه ففي صحيحة علي بن جعفر (ع) انه سئل أخاه موسى بن جعفر (ع) عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن * (ورواية) * خالد عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن رجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال (ع) يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن فإذا كان الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه قلبه ويحتمل ان يكون المراد بالنصف في هذه الرواية هو النصف من عظامه الذي هو موضع القلب فهي على هذا التقدير بنفسها شاهدة للمدعى وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قتل قتيل فلم يوجد الا اللحم بلا عظم لم يصل عليه فان وجد عظم بلا لحم صلى عليه وهذه الأخبار وان كان ظاهر الأولين منها إرادة مجموع عظامه ولو بالمسامحة العرفية كما هو الغالب في أكيل السبع والرواية الأخيرة أيضا يتعين بشهادة النص والاجماع صرفها إلى ذلك لو لم نقل بانصرافها فيكون المراد بها عظمه المطلق لا مطلق عظمه فتتحد مع الأوليين لكن يفهم من مجموعها عدم مدخلية اللحم في ترتب الأحكام فيكون بمنزلة كبرى تضم إلى الصغرى التي استفدناها من الأخبار السابقة من أن بدن الميت وان كان ناقصا بمنزلة كله وقد أشرنا فيما سبق إلى دلالة الأخبار المتقدمة على أن هذا التنزيل الشرعي ليس من باب تعميم الحكم بل من قبيل بيان أعمية الموضوع ولذا قلنا بدلالتها على وجوب ترتيب جميع أحكام الميت لا خصوص الصلاة عليه كما أن هذه الأخبار الواردة في العظم المجرد أيضا كذلك كما يؤيده الاقتصار في الصحيحة الأخيرة على ذكر الصلاة مع أن المقصود بها أعم كما وقع التصريح به في الأوليين فيفهم من الأخبار السابقة ان المناط في وجوب التجهيزات وجود معظم بدن الميت ولو نصفه الأعظم المشتمل
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»