مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٨٢
غسل الجنب وفي جملة من الاخبار انه عينه ونوقش فيه بعدم ظهور التشبيه في العموم على وجه يشمل ذلك فيبقى الأصل يعنى قاعدة الاشتغال سليما ومعتضدا بظاهر الاخبار المفصلة لكيفية قال شيخنا المرتضى [ره] بعد نقل المناقشة المذكورة وفيه ان هذا انما يتطرق في صحيحة ابن مسلم الدالة على التشبيه دون المستفيضة الدالة على أن الميت جنب يغسل غسل الجنابة وكذا الأخبار الدالة على أن المقصود تنظيف الميت فالقول بالاجتزاء الارتماس لا يخلو عن قوة وان كان الأحوط خلافه انتهى وفيه ان هذه الأخبار قاصرة عن اثبات المدعى اما ما دل على أن المقصود تنظيف الميت فواضح للعلم بعدم كفاية مطلقه واما ما دل على أن الميت جنب فغسله غسل الجنابة ففيه انه لم يدل دليل على جواز الارتماس في غسل الجنابة على وجه يعم مثل الفرض لجواز ان يكون الخصوص الجنب الميت خصوصية تقتضي ايجاد غسله بكيفية خاصة الا ترى انه يجب فيه الغسل بالسدر والكافور ولا يجب ذلك في الجنب الحي فلا امتناع في أن يجب غسله مترتبا دون غيره ولو لأجل احترام الميت فالقول بجواز الارتماس موقوف على القطع بالغاء الخصوصية أو عموم دليل يقتضى جواز الارتماس ولو في هذا الفرد وأنت خبير بعدم القطع بذلك وعدم عموم كذلك فالأظهر عدم الجواز والله العالم وفي وجوب وضوء الميت قبل الغسل تردد كما نسب إلى أبى الصلاح وظاهر المفيد وابن البراج للامر به في جملة من الاخبار منها رواية عبد الله بن عبيد المتقدمة ومنها خبر حريز عن أبي عبد الله (ع) قال الميت يبدء بفرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة الحديث ومرسلة أبى حثيمة عن أبي عبد الله (ع) قال إن أبى امرني ان اغسله إذا توفى وقال لي اكتب يا بنى ثم قال إنهم يأمرونك بخلاف ما تصنع فقل لهم هذا كتاب أبى ولست أعدو قوله ثم قال تبدء فتغسل يديه ثم توضيه وضوء الصلاة ثم تأخذ ماء وسدر الحديث وقد يستدل له أيضا بعموم قوله (ع) كل غسل معه وضوء الا غسل الجنابة * (وفيه) * ان المقصود بهذه الرواية اما بين عدم الاجتزاء بما عدا غسل الجنابة من الأغسال عن الوضوء الواجب للصلاة ونحوها فهي أجنبي عن المقام أو المقصود بها بيان استحباب الوضوء تعبدا قبل كل غسل كما تقدم الكلام فيه في غسل الحيض فلا يكون دليلا للوجوب بل هو مما يؤيد حمل الأخبار المتقدمة على الاستحباب كما حكى القول به عن بعض القدماء وجملة من المتأخرين بل في الحدائق والظاهر أن المشهور بين المتأخرين هو الاستحباب * (و) * يؤيده بل يدل عليه خلو جل الاخبار البيانية عن ذكر الوضوء مع اشتمالها على جملة من المستحبات على ما عرفت تقريبه من أن خلو مثل هذه الأخبار يدل على عدم كونه من الأركان خصوصا صحيحة يعقوب بن يقطين المتقدمة فان ترك تعرض الإمام (ع) لذكر الوضوء وبيان ان غسل الميت تبدء بمرافقه الحديث كالتصريح بعدم وجوبه بل ربما يستشعر من ذلك عدم استحبابه أيضا حيث تعرض الغسل المرفقين مع كونه مستحبا واعرض عن ذكر الوضوء لكن لا ينبغي الالتفات في مقابل الأخبار المتقدمة بل ربما يتأمل في اشعاره بذلك بورودها في مقام توهم الوجوب واعتباره في صحة الغسل كما هو الظاهر مما حكى عن عامة العامة من موافقتهم لما في الأخبار المتقدمة فلا يفهم الا عدم اعتباره في الغسل وغاية ما يمكن ادعاء استشعاره منه عدم كونه جزء مستحبيا للغسل لا عدم كونه مستحبا نفسيا امامه نعم يفهم من السكوت في مثل المقام عدم كونه واجبا مطلقا ولو نفسيا كما لا يخفى وبذلك كله ظهر لك ان الأشبه انه لا يجب لكنه مستحب للأخبار المتقدمة ولا ينافيه ما قيل من اعراض المشهور عن هذه الروايات فان المقصود اعراضهم عن ظاهرها من الالتزام بالوجوب وعن السرائر نسبة الرواية الدالة عليه على الشذوذ وعن المبسوط ان عمل الطائفة على ترك ذلك يعنى انهم لو يعملوا بظاهرها من الوجوب لا انهم طرحوها رأسا كما يدل على ذلك ما حكى عن الشيخ في خلافه أنه قال وفي أصحابنا من قال إنه يستحب الوضوء قبله أي قبل الغسل وعن نهايته أنه قال وقد رويت أحاديث انه ينبغي ان يوضأ الميت قبل غسله فمن عمل بها كان أحوط * (وكيف) * كان فدعوى شذوذ هذه الأخبار بعد اشتهار العمل بها بين المتأخرين ممالا يصغى إليه خصوصا في اثبات الاستحباب الذي يكفيه المسامحة والعجب من صاحب الحدائق حيث نسب القول بالاستحباب إلى المشهور بين المتأخرين وانكر عليهم بأنه لاوجه له لان ظاهر تلك الأخبار الوجوب ولا معارض لها الا اطلاق غيرها من الاخبار ومقتضى القاعدة الجمع بينها بالتقييد فالمتجه اما القول بالوجوب أو طرح تلك الأخبار وحملها على التقية وقد قوى الأخير في ذيل كلامه واعترض على نفسه في مطاوي كلماته بقوله فان قيل الحمل على التقية انما يكون عند وجود المعارض لها قلنا قد تكاثرت الاخبار بعرض الخبر على مذهب العامة والاخذ بخلافه وان ان لا معارض له ثمة حتى رووا انه إذا احتاج إلى معرفة حكم من الأحكام وليس في البلد من يقينه من علماء الإمامية يسئل فقهاء العامة ويأخذ بخلافهم وقد ورد أيضا إذا رأيت الناس مقيلين على شئ فدعه انتهى وفيه أولا ما أشرنا إليه مرارا من أن مقتضى قاعدة الجمع في مثل هذه الموارد هو حمل مثل هذه الأوامر على الاستحباب فإنه أهون من تنزيل هذه الأخبار البيانية الكثيرة على الاهمال والاجمال كي لا ينافيها التقييد خصوصا مع ما في أغلب الاخبار من الشواهد على عدم كونها مسوقة لبيان خصوص الأجزاء الواجبة ولذا لم يجمع أحد من الأصحاب بين اخبار الباب بتقييد بعضها بما اشتمل عليه غيره بل لو بنى على مراعاة قاعدة الاطلاق والتقييد في اخبار الباب لحدث في الاسلام قول لم يذهب إليه أحد من المسلمين وثانيا ان ما التزم به من حمل الاخبار السالمة من المعارض بعد تسليم سندها على التقية المجرد الموافقة من حيث هي يوشك ان يكون مخالفا للضرورة فضلا عن الاجماع وغيره فهل سمع أحد ان يطرح أحد من الشيعة أقوال الأئمة المعصومين (ع) لمجرد
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»