مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٧٧
مشروطة بسبق الإزالة وهو أول الكلام وقد تقدم توضيح المقام في غسل الجنابة فاتضح لك ان عمدة المستند انما هو النصوص والاجماعات المستفيضة بقي في المقام اشكال وهو انه لا يتصور تطهير بدن الميت قبل الغسل من النجاسة العرضية بناء على ما هو المشهور من كونه نجس العين فان نجس العين لا يطهر * (و) * من هنا استظهر كاشف اللثام من كلمات الأصحاب إرادة إزالة العين دون الأثر قال إن بدن الميت نجس منجس للماء لا يطهر الا بعد التغسيل فالتقديم ممتنع الا ان تجوز الطهارة من نجاسة دون أخرى ولم يعهد فالظاهر أن مراد الفاضلين وكل من ذكر تقديم الإزالة والتنجية أراد إزالة العين لئلا يمتزج بماء الغسل وان لم يحصل التطهير * (انتهى) * واعترضه جل من تأخر عنه بان الطهارة والنجاسة أمران توقيفيان فلا استحالة في أن يباشر بعض الأعيان النجسة بملاقاة نجاسته أخرى ويرتفع اثره المكتسبة بالعرض بغسله مرة أو مرتين كساير المتنجسات فلا مانع من الالتزام به بعد مساعدة الدليل * (و) * الانصاف عدم ورود الاعتراض عليه بل لا يخلو ما ذكره عن وجه إذ لم يدع استحالته عقلا كي يرد عليه ما قيل بل ادعى عدم معهودية الطهارة من نجاسة دون أخرى شرعا فلا يتعقلها المتشرعة ولا ينسبق إلى أذهانهم عند الامر بغسل بدن الميت وتنظيفه عن الدم ونحوه ارادتها الا ترى انه لو قيل بان الدم المعفو عنه في الثوب و البدن لو اصابه نجاسة أخرى كالعذرة يتأثر منها ويكتسب نجاستها المانعة لا يفهم عرفا من اطلاق ما دل على أن ملاقي العذرة يطهر بغسله بالماء انه يجوز تطهير الدم من النجاسة العارضة وليس هذا الا لعدم معهودية تطهير النجاسات عن النجاسات العارضة لا عدم معقوليته عقلا واما ما ادعوه من دلالة الأدلة عليه فله منع دلالتها على أزيد من اعتبار إزالة العين فإنه ان كان الاجماع فلا وثوق بإرادة كل المجمعين أزيد من إزالة العين كيف وظاهر الفاضلين بمقتضى تعليلهم بان إزالة العينية أولى من الحكمية ليس الا إرادة إزالة العين بل لا يبعد إرادة جميعهم ذلك حق المعبرين بوجوب تطهير بدن الميت فضلا عمن عبر بلفظ الإزالة فان إرادة التطهير الحقيقي عن النجاسة الحكمية على الاطلاق متعذر وإرادة إزالة عين النجاسة العارضة واثرها بالخصوص باجزاء الماء على المحل بعد إزالة العين على الوجه المعتبر في التطهير وان لم يفد طهارته على الاطلاق مع ما عرفت من بعده عن الأذهان ليست بأولى من إرادة التطهير الصوري الذي هو عبارة عن إزالة العين فالانصاف عدم ظهور كلمات الأصحاب في إرادة أزيد من إزالة العين نعم لا يبعد دعوى انصرافها إلى كونها بالماء المطلق وان كان فيه أيضا تأمل هذا إذا كان الدليل هو الاجماع وان كان الاخبار فلا يكاد يفهم منها أزيد من وجوب إزالة العين فان ما ورد فيها من الامر بغسل الفرج ثلثا قبل كل غسل كاليدين انما أريد به التعبد من دون توقفه على وجود النجاسة العارضة وستعرف ان الامر به للاستحباب واما الانقاء المأمور به في بعض الروايات كمرسلة يونس فيتحقق بمطلق الإزالة ولا يتوقف على استعمال الماء فضلا عن كونه بشرايط التطهير بل هو الذي يظهر من موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) الواردة في كيفية غسل الميت قال فيها بعد بيان كيفية غسله بماء السدر والكافور ثم تمر يدك على بطنه فتعصره شيئا حتى يخرج من مخرجه ما خرج ويكون على يديك خرقة تنقى بها دبره ثم تميل برأسه شيئا فتنفضه حتى يخرج من مخرجه ما خرج ثم تغسله بجرة من ماء القراح الحديث واما الأخبار الدالة على أن غسل الميت عين غسل الجنابة أو مثله فهي غير مجدية في اثبات وجوب اجراء الماء على موضع النجاسة بعد إزالة عينها تعبدا من دون ان يفيده التطهير نعم لو قلنا بطهارة بدن الميت وكونه كالجنب لاتجه الاستدلال بهذه الروايات وكيف كان فالالتزام بكفاية إزالة العين خصوصا إذا تحققت بالماء المطلق غير بعيد لكن الاحتياط لا ينبغي تركه بل الأحوط إزالة النجاسة عن جميع بدنه على الوجه المعتبر في التطهير قبل الشروع في الغسل ثم يغسل بقصد حصول عنوانه أي المهية المأمور بها في الشريعة التي هي غسل الميت فلو اتى به لا بهذا القصد لم يصح ضرورة ان المتبادر من الامر بالغسل في الشريعة في جميع موارده ليس الا الطبيعة المعهودة المعروفة لدى المتشرعة على سبيل الاجمال لا مطلق غسل البدن الذي يتحقق بحصوله مطلقا كيف اتفق نظير الامر بالوضوء والتيمم من غير فرق بين ان يتعلق الامر بان يتوضأ بنفسه أو يوضأ الغير حيا كان أو ميتا فإنه لا يتبادر منه الا إرادة الطبيعة المعهودة التي لا إحاطة لنا تحقيقها تفصيلا ولا يمكننا قصدها ولا الاطلاع على تحققها في الخارج الا بايجادها بقصد حصول عنوانها على سبيل الاجمال فلا يفهم من الامر بغسل الميت وتوضيته مثلا الا عدم اعتبار مباشرة الغاسل والمتوضي في تحقق تلك الطبيعة في خصوص المورد لا حصولها مطلقا من دون قصد كيف اتفق ويدل عليه أيضا ما ورد من الاخبار من أن غسل الميت بعينه غسل الجنابة أو مثله وقد ثبت اعتبار النية في غسل الجنابة بالاجماع فتعتبر في هذا الغسل أيضا قضية للعينية أو المماثلة * (فما عن) * السيد في مضرياته والعلامة في منتهاه وعن بعض متأخري المتأخرين الميل إليه من عدم اعتبارها معللا كما قيل بأنه إزالة خبث ضعيف إذ لو سلم ان الوجه فيه ليس الا إزالة الخبث دون الحدث كما هو ظاهر الاخبار المصرحة بأنه غسل الجنابة يتوجه عليه ان هذا الخبث ليس كساير الأخباث بحيث يزيله كل مزيل بل لا يزيله نصا واجماعا الا الغسل والمتبادر منه ليس الا ما عرفت وبهذا ظهر لك ضعف الاستدلال له بالأصل الذي تقدم تحقيقه في نية الوضوء القاضي بعدم اعتبار النية فيما يشك في كونه تعبديا * (و) * قد عرفت في ذلك المبحث ضعف الاستدلال لاثبات اعتبار النية في مثل ما نحن فيه بقوله [تع‍] وما أمروا
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»