مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٨٨
التصريح بالحرمة وقربة على الحدائق واستدل للكراهة بخبر غياث عن أبي عبد الله (ع) قال كره أمير المؤمنين عليه السلام ان يحلق عانة الميت إذا غسل أو يقلم له ظفر أو يجز له شعر ورواية طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال كره ان يقص من الميت ظفر أو يقص له شعر أو يحلق عانته أو يغمز له مفصل وعلى ذلك يحمل النهى فيما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يمس من الميت شعر ولا ظفر وان سقط منه شئ فاجعله في كفنه وفى خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يعلم ظفره قال لا يمس منه شئ اغسله وادفنه وفى خبر أبي الجارود انه سئل أبا جعفر (ع) عن الرجل يتوفى أتقلم أظافيره وينتف إبطاه وتحلق عانته ان طالت به من المرض فقال لا لكن الانصاف ان صرف هذه الأخبار عن ظاهرها مشكل ولفظ الكراهة الواقعة في الخبرين الأولين لا يصلح قرنية لذلك فإنها كثيرا ما تستعمل في الاخبار في غير المعنى المصطلح بل يراد منها مالا ينافي الحرمة كما هو مقتضى حقيقتها عرفا ولغة ولذا قال شيخنا المرتضى والانصاف ان ليس للاخبار صارف عن التحريم الا اعراض معظم الأصحاب عن ظاهرها فالاحتياط لا يترك البتة انتهى لكنك خبير بان رفع اليد عن ظاهر الخبر الموثوق بصدوره مثل مرسلة ابن أبي عمير التي أجراها الأصحاب في القبول مجرى الصحيحة خصوصا هذه المرسلة التي اجمعوا ظاهرا على العمل بمضمونها بالنسبة إلى فقرتها الأخيرة بمجرد اعراض المعظم لا يخلو عن من اشكال خصوصا بعد ما سمعت من الوسيلة والجامع وغيرهما التصريح بالحرمة ومن المنتهى والخلاف والغنية دعوى الاجماع على عدم الجواز بل عن المنتهى أنه قال قال علمائنا لا يجوز قص شئ من شعر الميت ولا ظفره ولا يسرح لحيته ومتى سقط شئ منه جعل في أكفانه انتهى فكيف يبقى مع ذلك الوثوق باعراض المعظم عن ظاهرها وما قيل من أن التأمل في كلمات مدعى الاجماع يعطى ظهورها في عدم ارادته الا الكراهة ففيه ان غاية ما يفهم بالقرائن انما هو إرادة مدعى الاجماع ذلك وفهمه إياها من كلماتهم ولا يحصل بذلك الوثوق بكونها مرادة للجمعين المعتبرين بعدم الجواز وقد سمعت من المنتهى أنه قال قال علمائنا انه لا يجوز [الخ] وظاهره كونه نقلا لعبارة العلماء بلفظها أو بمعناها فكيف يحصل الوثوق [ح] باعراض المعظم كي يمكن طرح الرواية أو تأويلها مع ما فيه من الاشكال فالقول بالحرمة مع أنه أحوط لا يخلو عن من قوة كما يؤيده ما حكى عليه الاجماع مستفيضا من أنه لو سقط من الميت شئ بنفسه أو بمسقط جعل في كفنه دفن وعن بعضهم التصريح في معقد اجماعه بوجوب تغسيله أيضا وعن بعضهم الاقتصار على ذكر دفنه معه ويدل عليه مضافا إلى ذلك مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة فيستكشف من ذلك ان هذه الاجزاء من الميت كساير أعضائه فيستبعد اذن الشارع في فصلها عن بدنه وكيف كان فمقتضى اطلاق النصوص والفتاوى بل صريح بعضهما عدم الفرق بين كون الأظفار طويلة أو قصيرة كما أن مقتضى اطلاقهما عدم الفرق بين ما لو كان الوسخ تحتها أولم يكن كما عن المنتهى التصريح به بل عن الشيخ دعوى الاجماع على عدم جواز تنظيفها عن الوسخ بالخلال وفى رواية الكاهلي ولا تخلل أظفاره ومع ذلك حكى عن التذكرة انه ينبغي اخراج الوسخ من بين أظفاره بعود لين وان شد عليه قطنا كان أولى ودفعه في محكى الذكرى باجماع الشيخ ورواية الكاهلي وقد يوجه كلامه بحمله على ما إذا كان على وجه يمنع من حصول الغسل الواجب ولا شبهة في انصراف النص والاجماع عن مثل الفرض فليتأمل وكذا يكره ان يغسل مخالفا فان اضطر غسله غسل أهل الخلاف كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا ويكره أيضا يغتسل الميت بماء أسخن بالنار بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا ويدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا يسخن الماء للميت وما رواه عبد الله بن المغيرة عن الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام قالا لا يقرب الميت ماء حميما وما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال لا يسخن للميت الماء لا يعجل له النار ولا يحنط بمسك وعن الصدوق أنه قال قال أبو جعفر (ع) لا يسخن الماء للميت قال وروى في حديث اخر الا ان يكون شتاء باردا فتوقى الميت مما توقى منه نفسك ويقرب منه ما عن الرضوي وهذا هو المستند لاستثناء جماعة صورة البرد الشديد و ظاهره مراعاة جانب الميت الا انه حكى عن الشيخ أنه قال لو خشي الغاسل من البرد انتفت الكراهة وربما فسرت الرواية بما يوافقه كما ليس بالبعيد عن ظاهرها كما لا يخفى على المتأمل ثم إن المراد بالماء المسخن في هذه الروايات بحسب الظاهر هو المسخن بالنار كما فهمه الأصحاب لا لمجرد دعوى انصرافه إليه بل لكونه بحسب الظاهر معهودا لدى العامة فلا ينصرف الذهن الا إليه مع أن اسخان الماء بالشمس لأجل تغسيل الميت المبنى امره على التعجيل لا يكاد يتفق في الخارج كي يكون مقصودا بالنهي هذا مع أن في رواية يعقوب المتقدمة اشعارا بذلك والله العالم ويكره أيضا الدخنة بالعود وغيره كما عن المشهور خلافا للجمهور فاستحبوها وعن الباقر (ع) لا تقربوا موتاكم النار يعنى الدخنة على ما فسر وعن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم * (الثالث) * من الأحكام المتعلقة بالأموات في تكفينه وهو كتغسيله وغيره من أحكامها التي عرفت انها واجب كفاية على عامة المكلفين لكن الواجب انما هو ستره في الكفن لا بد له وان كان مستحبا مؤكدا ففي صحيحة معاوية بن ظريف من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيمة ولا يتوقف صحته على قصد القربة وان توقف استحقاق الاجر عليه حيث لا استحقاق الا مع الإطاعة الا مع القصد ويدل عليه مضافا إلى أن الأصل في الواجبات التوصلية كما عرفت تحقيقه في نية الوضوء شهادة العرف بل الشرع أيضا كمالا يخفى على من نظر في اخبار الباب بعدم تعلق الغرض الباعث على الطلب الا حصول
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»