مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٩٢
وانه ليس كالعمامة فليس في شئ من الأخبار المتقدمة اشعار باعتبار كون الأثواب الثلاثة شاملة لجميع الجسد واما قوله (ع) في صحيحة زرارة ثلاثة أثواب تام لا أقل منه يوارى فيه جسده كله على ما رواه في التهذيب فلا ينهض دليلا لاثبات مدعاه بعد ما عرفت ما فيه من التشويش وقوة احتمال اشتماله على السقط مضافا إلى عدم صلاحيته جعل كلمة تام صفة للأثواب كي يصلح دليلا له نعم ربما يشهد له حسنة حمران بن أعين عن أبي عبد الله (ع) قال قلت فالكفن قال يؤخذ خرقة ويشد بها سفله ويضم فخذيه بها لتضم ما هناك وما صنع من القطن أفضل ثم يكفن بقميص و لفافة وبرد يجمع فيه الكفن فان المتبادر من اللفافة إرادة الثوب الشامل والبرد أيضا كذلك لكن لا يبعد ان يكون المراد باللفافة الإزار فاطلاق اللفافة عليه باعتبار كونه يلف على معظم البدن كما يؤيد ارادته به قوله (ع) وبرد يجمع فيه الكفن فإنه يشعر بعدم كون اللفافة شاملة وعلى تقدير تسليم ظهورها في إرادة الثوب الشامل فلا بد من تأويلها اما بتقييدها بالإزار وحمل البرد على الاستحباب كما سيأتي التكلم فيه أو طرحها إذ لا يصلح مثل هذه الرواية المعارضة ما عرفت خصوصا بعد اعراض الأصحاب عنها نعم لو قيل بكون الاجتزاء بالإزار رخصة لا عزيمة بمعنى جواز الاتيان بثوب شامل البدن بدلا منه لاتجه الجمع بينها وبين ما عرفت بحملها على أحد فردي الواجب لكنه خلاف ظاهر النصوص والفتاوى فالأظهر وجوب الإزار معينا وعدم جواز الاجتزاء عنه بالثوب الشامل واما القميص فكونه أحد الأثواب الثلاثة مما لا شبهة فيه لوروده في جملة من الاخبار التي تقدم بعضها وهل يتعين بالخصوص كما هو ظاهر المشهور بل عن الغنية والخلاف الاجماع عليه أم يجوز الاجتزاء عنه بثوب شامل كما هو خيرة المدارك وفاقا للمحكى عن المعتبر وابن الجنيد وعن جملة من متأخري المتأخرين الميل إليه وجهان أحوطهما بل أظهرهما الأول لظهور جملة من الاخبار في كونه بالخصوص من اجزاء الكفن كقوله (ع) في صحيحة عبد الله بن سنان ثم الكفن قميص غير مزرور ولا مكفوف وفى ما رواه معاوية بن عمار قميص لا يزر عليه وفى حسنة حمران ثم يكفن بقميص [الخ] إلى غير ذلك من الروايات المتقدمة ولا ينافيها الأخبار المستفيضة الواردة بالأثواب الثلاثة كما توهمه صاحب المدارك لكونها بيانا لما في هذه الأخبار من الاجمال نعم ربما يستظهر التخيير من رواية محمد بن سهل عن أبيه قال سئلت أبا الحسن (ع) عن الثياب التي يصلى فيها الرجل ويصوم أيكفن فيها قال أحب ذلك الكفن يعنى قميص قلت يدرج في ثلاثة أثواب قال لا بأس والقميص أحب إلى وارسل الصدوق عن أبي الحسن (ع) في الرجل يموت أيكفن في ثلاثة أثواب بغير قميص قال لا بأس والقميص أحب إلى والظاهر أن هذه هي الرواية السابقة أرسلها الصدوق منقولة بالمعنى وكيف كان ففي التعويل على ظاهر ها مع مخالفته للمشهور في الخروج من ظاهر المعتبرة المستفيضة اشكال هذا مع أنه لا وثوق بإرادة هذا الظاهر بل لا ظهور لها عند التأمل في خلاف ما يفهم من غيرها فان القميص المسؤول عنه هو القميص الذي يصلى فيه الرجل وهذا هو القميص الذي أحب الإمام (ع) ان يكفن به والقميص الذي يعتبره في الكفن كما هو المعمول المتعارف ليس بقميص حقيقة بل يصح سلب الاسم عنه وانما يطلق عليه القميص بأدنى مناسبة فنفى البأس عن ادراجه في ثلاثة أثواب شاملة والا لكان مقتضى هذه الرواية جواز الاتيان بالثوب الشامل بدلا من المئزر أيضا فليتأمل ويجزى عند الضرورة عقلا أو شرعا قطعة من القطعات الثلاث ولا يجوز تركها بلا اشكال بل لا خلاف على الظاهر بل عن التذكرة دعوى الاجماع عليه وما في الحدائق من الاشكال في وجوب الاتيان بما يتسر من القطعات الثلث لعدم كونه الكفن الذي أوجبه الشارع حيث إن الواجب هو القطع الثلث والكل ينتفى بانتفاء جزئه مما لا ينبغي الالتفات إليه ضرورة قضاء العرف والشرع في مثل المقام بان الميسور لا يسقط بالمعسور وان ما لا يدرك كله لا يترك كله بل لا يبعد جريان القاعدتين بنظر العرف فيما لو لم يتمكن الا من بعض تلك القطع بحيث لم يدخل في مسميات شئ منها لكن يمكن ان يستر به عورة الميت فإنه يجب على الظاهر في الفرض ستر عورته فإنه وان لم يصدق عليه شئ منها لكنه بعد معلومية شدة اعتناء الشرع والعرف بستر العورة لا ينبغي المتأمل في كون المأتى به ميسور المئزر الذي لا يسقط بمعسوره نعم في كون ستر بعض البدن ميسور الإزار أو ميسور القميص بنظر العرف تأمل وكيف كان يجب مراعاة القاعدتين في مثل المقام جزما ولا يخفى عليك ان قضية قاعدة الميسور مراعاة الأشمل فالأشمل عند الدوران فالإزار مقدم على القميص والقميص على المئزر كما عن المحقق الثاني التصريح بذلك والله العالم ثم إنه حكى عن غير واحد من متأخري المتأخرين تبعا المحقق الثاني التصريح بأنه يراعى في جنس هذه الأثواب التوسط باعتبار اللائق بحال الميت عرفا فلا يجب الاقتصار على أدون المراتب وان ماكس الوارث أو كانوا صغارا وهو حسن لانصراف اطلاق الامر بالتكفين إلى المتعارف وكون الوارث قاصر أو مانعا لا يجدي في المنع من الوسط اللايق بحاله بعد ان علم من الأدلة استحقاق الميت من ماله الكفن الذي لا يتبادر منه الا استحقاقه ما هو اللايق بحاله الذي لا يوجب مهانته في الانظار كما يستحق المفلس من ماله اللباس اللايق بحاله ويؤيده ما يستفاد من الاخبار من رجحان إجارة الكفن وكونه زينة للميت وان الموتى يتباهون بأكفانهم فما عن الأردبيلي من المناقشة في الحكم مع نزاع الورثة أو كونهم صغارا ضعيف إذ ليس للوارث مزاحمة الولي في تعيين الكفن الذي جعله الله تعالى للميت وجعله أحق به من ورثته فيكون للولي الذي هو بمنزلة الميت تشخيص الكفن في ضمن أي فرد أحب ما لم يكن خلاف المتعارف الذي ينصرف عنه الأدلة نعم لو اختار الولي الا دون فلا بحث عليه الجواز الاقتصار في امتثال المطلق على ما يتحقق به المسمى فالاقتصار عليه مع قصور الورثة أو مزاحمتهم ما لم يوجب استحقار الميت ومهانته أحوط وهل يعتبر في كل ثوب من الأثواب الثلاثة ان لا يكون حاكيا كما عن الروض تبعا
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»