مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٦٥
وقد تقرر في محله بطلان التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية لكن لا يخفى عليك ان مقتضى الأصل ليس الا عدم الوجوب لا عدم الجواز بل مقتضى الأصل جواز غسله ولو مجردا عن الثياب كجواز مسه والنظر إليه لان شرط الحرمة أيضا أعني عدم المماثلة غير محرز فهي كالوجوب منفية بالأصل فيبقى الفعل على أصل الجواز ويكفى في مشروعيته احتمال كونه واجبا في الواقع واتيانه بداعي هذا الاحتمال كما عرفته في نية الوضوء لكن لا يخفى عليك انه لو قلنا بجواز الغسل للأجنبي من فوق الثياب كما هو الأظهر فالأحوط اتيانه كذلك كي يكون متقربا بالفعل على كل تقدير وحاصل هذا الوجه رجوع كل مكلف إلى أصل البراءة عن التكليف بالغسل وعلمه الاجمالي بتوجه الخطاب بالغسل إلى احدى الطائفتين لا يؤثر في تنجيز التكليف على أحد كما في واجدي المنى في الثوب المشترك * (واما) * الوجه الثاني فتوجيهه ان مقتضى وجوب الغسل كفاية على عامة المكلفين عدم اختصاص التكليف به بمن يباشره بنفسه فالمباشرة شرط الوجود لا الوجوب فيجب على كل مكلف ولو بإعانة بعضهم لبعض السعي في ايجاد الغسل من مماثل وان لم يجب على نفسه المباشرة الا ترى انه لو ماتت امرأة يجب على الرجال أيضا كالنساء السعي في حصول غسلها في الخارج بتمهيد مقدماته واعلام من يماثلها والزامه بذلك على تقدير الامتناع ولو من باب الأمر بالمعروف إلى غير ذلك مما هو من اثار الوجوب الكفائي ففيما نحن فيه يجب على المكلفين السعي في حصول غسل الخنثى من مماثله وهو امر مقدور غاية الأمر انه يتوقف الجزم بحصول الواجب على تكرير الغسل بفعل الرجال والنساء فيجب ذلك من باب الاحتياط نعم لو امتنع الاحتياط بان انحصر المتمكن من الغسل في احدى الطائفتين أو توقف على ارتكاب محرم كنظر الأجنبي ومسه ولم يمكن ايجاده بدونه كالغسل من وراء الثوب أو بتغميض العينين ولف اليدين بخرقة مثلا أو قلنا بان غسل الأجنبي حرام ذاتا اتجه القول بسقوط التكليف والرجوع إلى البراءة إذ لا يعقل ان يتنجز في حق أحد التكليف بايجاد الغسل من المماثل عند اشتباه موضوعه وتردد حكم الموضع المشتبه بين الواجب والحرام واستلزام الاحتياط فيه ارتكاب الحرام اليقيني ولا يجدى في تنجز الخطاب بالغسل على المكلفين بعد فرض استلزام الاحتياط ارتكاب الحرام الواقع جواز مس كل من الرجال والنساء ونظره إليه وتغسيله إياه بملاحظة حكمه من حيث هو كما هو واضح لكنك خبير بامكان حصوله غالبا من دون توقفه على مقدمة محرمة واما احتمال الحرمة الذاتية في غسل الأجنبي مطلقا ولو من فوق الثياب فهو في غاية الضعف بل قد عرفت فيما سبق ان الأظهر استحبابه من فوق الثياب وان كان الأحوط تركه فظهر لك بما ذكرناه في توجيه هذا الوجه ضعف الوجه الأول الا في بعض الصور كما تقدمت الإشارة إليها واما الوجه الأخير فتوجيهه بان يقال إن اشتراط المماثلة والمحرمية في الغسل على ما يستفاد بالتأمل في أدلته ليس من مقومات مهية الغسل كاشتراط طهارة الماء واطلاقه بل هو كإباحته من الشرايط المنتزعة من الأحكام التكليفية فان المتأمل في أدلته يوشك ان لا يرتاب في أن اعتبار الشارع لهذا الشرط لم يكن الا لعدم رضاه بان يتصدى الأجنبي لهذا العمل المتوقف غالبا على النظر واللمس فنهى الشارع عنه ليس لبطلانه في حد ذاته بل لكون فعله الخارجي مصداقا لعنوان مرجوح أو ملزوما لامر كذلك فلا يعقل ان يطلبه الشارع فيفسد عمله كذلك نظير الوضوء بالماء المغصوب ولا يصلح مثل هذه الجهات العارضية المقبحة للفعل مانعا من وقوعه امتثالا للامر المتعلق بالطبيعة الا إذا اتصفت فعلا بالقبح بمعنى ان الفساد في مثل الفرض يدور مدار المنع الفعلي المنجز لا الثاني فحيثما جاز صح فعله كما لو غسل الأجنبي بزعم المماثلة أو المحرمية فانكشف خطائه أو توضأ بماء مغصوب بزعم الملكية أو اغتسل في ماء بارد باعتقاد عدم الضرر فتبين كونه مضرا إلى غير ذلك من الموارد التي نلتزم فيها بصحة العبادات المشتملة على جهات مقبحة عند عدم تأثير تلك الجهات في صيرورة الفعل من حيث صدوره عن الفاعل قبيحا وفيما نحن فيه وان لم يكن المكلف غافلا لكنه بحكمه في عدم تنجز النهى في حقه بل قد يكون تكليفه في مقام العمل هو الاتيان بالفعل كما لو أحرز من نفسه القدرة على ايجاد الواجب الكفائي بنفسه أو بالتسبيب فإنه يجب عليه [ح] الاتيان بالفعل من باب المقدمة العلمية فمتى أوجده يصح غسله ويرتفع الخطاب المتعلق به ولو لم يكن مماثلا في الواقع * (ان) * قلت إذا كان الخطاب بمباشرة الغسل مخصوصا بالمماثل ولم يجب الا عليه فكيف يغفل ان يصح من غير المماثل ويقع امتثالا لامر الواجب المتوجه إلى المماثل * (قلت) * إذا كانت علة الاختصاص كون غسل غير المماثل مشتملا على جهات مقبحة للفعل كما هو المفروض فهي لا تصلح علة الا لتخصيص الطلب لا لعدم حصول ذات المطلوب من حيث هي فيصح عمله مطلقا ولو على تقدير حرمته عليه ان لم يكن عباده فيسقط بسببه التكليف لحصول الغرض وان كانت عبادة يصح على تقدير تحققه قربة إلى الله ما لم يكن صدوره من المكلف من حيث صدوره منه قبيحا بحيث يحسن عتابه وعقابه على الفعل ويكفى في كون العمل مقربا كونه محصلا لما تعلق به غرض الشارع في امره وان قصر الطلب الفعلي عن شموله لما فيه من موانع الطلب حيث يقبح صدوره من المكلف حال الالتفات والعلم بعنوانه المقبح له فلا يكون مطلوبا وصدوره منه حين الغفلة والجهل بالعنوان القبيح وان لم يقبح فعلا ويحصل به ما هو الغرض الباعث على الامر لكن ليس بهذا العنوان فعلا اختياريا للمكلف حتى يقع في حين الطلب فلا يشمله الخطاب اللفظي بل لا يكون هذا الفرد بخصوصيته الشخصية مأمورا به في الواقع بل هو منهى عنه بهذا الاعتبار لعدم اختصاص حرمة الأشياء المشتملة على المفسدة كالغصب ونحوه بالافراد المعلومة لكنه لا اثر لمفسدته الذاتية وحرمته الواقعية في صيرورته قبيحا عند صدوره ممن هو معذور في ارتكابه عقلا وشرعا فان الأفعال الاختيارية انما
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»