مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٧٣
الاستحالة المانعة من التيمم نعم لو قيل بعدم جواز التيمم بمطلق الأرض واشتراط الترابية اما مطلقا أو مع الاختيار أمكن الالتزام بالتفصيل بدعوى بقاء وصف الأرضية دون الترابية بشهادة العرف وبظهر من المحكى عن بعض التفصيل بين الخزف المسحوق وغيره فأجاز في الأول دون الثاني ولعله ممن يعتبر وصف الترابية وقد زعم عدم تأثير الحرارة والشوى في زوال هذه الصفة وانما المؤثر فيه الهيئة الاتصالية فإذا زالت عاد إلى ما كان كما لو انقلب الحجر ترابا وفيه تأمل وكذا يجوز التيمم بتراب القبر وان نبش بل وان تكرر نبشه ما لم يعلم بنجاسته بلا اشكال حيث لا مقتضى للمنع منه بل لاوجه لتخصيصه بالذكر عدا قوة احتمال نجاسته عند التكرر بإصابة النجس واحتمال كونه مستحيلا من جسد الميت ومن المعلوم عدم الاعتناء باحتمال النجاسة ما لم تتحقق وعدم البأس بكونه في الأصل ادميا بعد تحقق الاستحالة فضلا عن احتماله من غير فرق بين كون الميت المستحال إليه طاهرا أو نجسا لزوال نجاسته بالاستحالة وكذا يجوز بالتراب المستعمل في التيمم بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه لعدم المانع منه مع اطلاق الأدلة وحكى عن الشافعي المنع في أصح قوليه قياسا على الماء المستعمل في الحدث الأكبر وفيه مع كونه قياسا مالا يخفى ثم إن المراد بالمستعمل على ما ذكره بعض هو الممسوح به أو المتساقط عن محل الضرب لا المضروب فإنه ليس بمستعمل عند الجميع وكيف كان فلا جدوى في تحقيقه بعد ان عرفت انه لا شبهة بل لا خلاف عندنا في جواز التيمم به والله العالم ولا يصح التيمم بالتراب أو الحجر المغصوب مع العلم بالغصبية بمعنى تنجز الخطاب بالاجتناب عنه وعدم معذوريته شرعا أو عقلا في تركه سواء علق باليد شئ منه فمسح به جبهته ويديه أم لا لحرمة التصرف فيه المتحقق بالضرب عليه المأخوذ في مهية التيمم فلا يعقل ان يقع عبادة نعم لو قيل بان التيمم انما هو امرار اليد المضروبة على الأرض على الجبهة واليدين بان لم يكن الضرب مأخوذ في مهية وكان من مقدماته التوصلية اتجه القول بصحته ما لم يعلق باليد عند المسح بها شئ من المغصوب لولا الاجماع على خلافها كما أن المتجه ذلك لو جهل الغصبية أو نسيها حال الضرب وان علم بها بعده بشرط ان لم يصاحب يده حال المسح بها ما يحرم التصرف فيه والا لم يصح وكذا لو تيمم بتراب مباح في مكان مغصوب أو في انية مغصوبة لحصول التصرف في المكان والاناء بالاعتماد الحاصل بواسطة الضرب وكذا في هواء المكان المغصوب بواسطة المسح الذي يتحقق به التيمم نعم لو فرض انفكاكه عن الامرين اتجه الصحة ولا يفسده حرمة كونه في المكان الذي هو من لوازم وجوده لخروج الكون في المكان من مهية التيمم ولا يقاس ذلك باكوان الصلاة المتخذة في مهيتها كما هو واضح ولو اشتبه المغصوب بغيره اجتنب عنهما كما عرفت في حكم الشبهة المحصورة وكذا لا يجوز التيمم بالتراب النجس بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه كما يدل عليه الوصف بالطيب في الكتاب العزيز إذا الظاهر الذي يقابل القذر كما عن غير واحد تفسيره به وعن جامع المقاصد نسبته إلى المفسرين ويؤيده ما عن الفقه الرضوي ومعاني الأخبار من تفسير الطيب بالمكان الذي ينحدر عنه الماء ويؤيده أيضا بل ربما يستدل له كما في الحدائق بقوله صلى الله عليه وآله في الأخبار المستفيضة جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا بناء على أن الطهور هو الطاهر المطهر كما تقدم تقريبه في صدر الكتاب فيختص ذلك بما إذا لم يعرضها النجاسة لأنها على هذا التقدير لا توصف بالطهورية فليتأمل وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في الحكم بعدما سمعت من دلالة الكتاب عليه ولو بواسطة الاعتضاد بفهم الأصحاب وعدم الخلاف فيه بل استفاضة نقل الاجماع عليه كما صرح به بعض ولو اشتبه الطاهر بالنجس يتيمم بغيرهما مع الامكان على الأحوط تحصيلا للجزم بالنية وان لم نلتزم بوجوبه كما عرفت في مبحث الوضوء والا تيمم بكل منهما احتياط ولا يقاس ذلك بالوضوء بالمائين المشتبهين الذي لا يبعد المنع منه مطلقا لمكان النص مع وجود الفارق لأجل ثبوت البدل وقد عرفت في محله ان مقتضى القاعدة هو الوضوء بهما مع الامكان لولا دلالة النص على خلافه لما أشرنا إليه من أنه ليس الطهارة بالنجس حرمة الا من حيث التشريع الذي يمتنع تحققه مع قصد الاحتياط فيجب كما يجب ذلك عند اشتباه التراب بغير التراب والماء المطلق بالمضاف وكذا لا يجوز التيمم بالوحل مع وجود التراب أو غيره مما يقع عليه اسم الأرض ويجوز بدونه في الجملة كما سيأتي التكلم فيه انشاء الله وان مزج التراب بشئ من المعادن ونحوهما مما لا يجوز التيمم به فان استهلكه التراب على وجه لم يبق للخليط اسم عرفا يعد بنظر العرف ترابا ممتزجا بغيره جاز التيمم به والا لم يجز بلا اشكال بل ولا خلاف في الأخير فان المستفاد من الأدلة انما هو اعتبار ضرب اليد على ما يقع عليه اسم التراب أو الأرض على الاطلاق وهو مما ينافيه المزج المعتد به حيث إنه لا يطلق على ما يقع عليه الضرب اسم التراب على الاطلاق الا على سبيل التجوز واما ان استهلك ذلك الشئ على وجه اطلق عليه الاسم من دون تجوز فلا ينبغي الاستشكال في الصحة كما هو المشهور بل لم يتحقق خلاف فيه من أحد فان من اطلق المنع من التيمم بالممتزج لم يعلم ارادته لذلك وكذا من اعتبر التيمم بالتراب الخالص لم يعلم منعه من ذلك إذ المفروض عدم اعتناء العرف بما فيه من المزج وتوصيف التراب بالخلوص ليس الا كتوصيف الماء بالاطلاق وكيف كان فيدل عليه تحقق الامتثال عرفا بضرب الصعيد والأرض ونحوهما وتوهم كونه من
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»