مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٧٧
ييبس ثم ينفضه عن اليد به * (وفيه) * انه ان أريد بوضع يديه وضربهما على الطين الاحتيال في تجفيفه ليتيمم به بعد الجفاف فهو حسن ما لم يكن حرجيا ولم يزاحمه ضيق الوقت وغيره من الموانع لكنه يخرج من كونه تيمما بالطين الذي وقع في الاخبار التصريح بجوازه ما لم يقدر على غيره ولا مدخلية على هذا التقدير لضرب يديه على الطين في التيمم وانما المعتبر تجفيفه باي آلة تكون وان أريد بفركه ونفضه إزالة الطين عن اليد وامرارها على الوجه بعد إزالة ما عليها من الطين ففيه مع أنه خلاف المتبادر من العبارتين خصوصا الثانية انه لا دليل على اعتبار هذا الشرط فضلا عن أن يكون بعد الجفاف مع أنه ربما يستلزم ذلك فوت الموالاة وكيف كان فالأظهر ما عرفت والله العالم ثم إن ظاهر المتن وغيره بل صرح به جماعة انحصار ما يتيمم به ولو اضطرارا بما ذكر فمع فقدها كان فاقدا للطهورين من غير فرق بين ان يجد الثلج أو الماء الجامد الذي لا يستطيع الغسل به وعدمه بل يظهر من المدارك نسبته إلى أكثر الأصحاب حيث نسب إليهم القول بسقوط فرض الصلاة أداء عند فقد الوحل الذي هو اخر المراتب وحكى عن ظاهر السيد وابن الجنيد وسلار انه يتيمم بالثلج وعن المفيد في المقنعة أنه قال وان كان قد غطا نما الثلج ولا سبيل له إلى التراب فليكسره وليتوضأ به مثل الدهن انتهى واعترض عليه بأنه ان تحقق به الغسل الشرعي كان مقدما على التراب ومساويا للماء في جواز الاستعمال وان قصر عن ذلك سقط اعتباره مطلقا اما في الوضوء والغسل فلعدم امكان الغسل المعتبر في مهيتهما به كما هو المفروض واما في التيمم فلانه ليس أرضا فلا يجوز التيمم به وبهذا الأخير اعترض على القائلين بالتيمم بالثلج * (أقول) * لا يبعد الالتزام بمقالة المفيد ودفع الاعتراض عنه ولنتكلم أولا في حكم من وجد ثلجا أو ماء جامدا حتى يتضح حقيقة الحال فنقول لا تأمل في شرعية التوضي والاغتسال من الثلج والماء الجامد في الجملة كما يدل عليه اخبار مستفيضة * (منها) * رواية معاوية بن شريح قال سئل رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده قال يصيبنا الدمق بالثلج ونريد ان نتوضأ ولا نجد الا ماء جامدا فكيف أتوضأ أدلك به جلدي قال نعم ورواية محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب في السفر لا يجد الا الثلج قال يغتسل بالثلج أو ماء النهر ولا يبعد ان يكون عطف ماء النهر على الثلج مع أنه لم يجده على ما فرضه السائل لرفع الاستبعاد بالتنبيه على عدم الفرق بين الاغتسال بالثلج أو ماء النهر فان الغالب كون ماء النهر من الثلج ومقتضى التسوية بينهما جواز ايجاده اختيارا وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل الجنب أو على غيره وضوء لا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل أيتيمم أم يمسح بالثلج وجهه قال الثلج إذا بل وجهه وجسده أفضل وان لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم ومثله خبره الاخر المنقول من قرب الإسناد وقد عرفت في مبحث الوضوء انه لا يعتبر في تهية الغسل والوضوء أزيد من أن يمس جلدك الماء وان لم يتحقق جريان بالفعل وايصال البلة على الظاهر عبارة أخرى عن هذا المعنى فلا اشكال في اطلاق الرواية نعم لو قلنا بصدق البلة على مجرد النداوة الحاصلة بالتمسح وان لم يتحقق معها صدق مس الجسد للماء أو اعتبرنا فيه الجريان الفعلي ولو بإعانة الآلة من يد وثلج ونحوه للزم ارتكاب التقييد في الرواية بحملها على ما لا ينافي هذا الشرط كما ليس بالبعيد حيث إن القطع بوصول البلة إلى جميع مواضع الغسل والوضوء لا ينفك غالبا عن حصول أقل ما يعتبر في الغسل ولو على القول باعتبار الجريان الفعلي فيه فان المبالغة في امرار الثلج على الجسد يوجب ذوبان جزئه الملاصق للبدن غالبا فلا يبعد جريها مجرى الغالب فهي لا تصلح دليلا لرفع اليد عما دل على اعتبار امساس الجسد للماء أو اعتبار الجريان في مهية الغسل نعم لو تمكن من ايصال البلة وتعذر عليه اكثارها على وجه يتحقق به أقل المجزى لأمكن الالتزام بكفايته لدى الضرورة بقاعدة الميسور وكيف كان فيفهم من هذه الروايات جواز الوضوء والغسل بالثلج ولولا مثل هذه الأخبار لاشكل استفادته من اطلاق الكتاب والسنة الامرة باستعمال الماء ولو على تقدير حصول الجريان بفعله فان المتبادر منها إرادة استعمال ما كان ماء حال الاستعمال لا ما انقلب إليه بالاستعمال نعم لو قيل باستفادته من مثل قوله (ع) إذا مس جلدك الماء فحسبك لم يكن بعيدا وان لا يخلو أيضا من تأمل بل لولا ظهور رواية محمد بن مسلم في مساواته للماء لاشكل الجزم بذلك حيث لا يفهم من غيرها جوازه في غير الضرورة * (وكيف) * كان فإذا ثبت جوازه لا يجوز العدول عنه الا لضرورة لكن الغالب عند انحصار الماء فيه وعدم التمكن من إذابته كما هو المفروض في موضوع النصوص والفتاوى كون الاغتسال أو التوضي به حرجيا فلا يتنجز التكليف به كما يدل عليه مضافا إلى قاعدة نفى الحرج صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد الا الثلج أو ماء جامدا قال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا أرى ان يعود إلى هذه الأرض التي توبق دابته ولا ينافيها الأخبار المتقدمة لما عرفت في محله من أن التيمم في مواقع كون الطهارة المائية حرجيا رخصة لا عزيمة فله ان يتحمل المشقة ويأتي بالطهارة المائية بل قد أشرنا في محله ان هذا هو الأفضل ولا يكاد يستفاد من الاخبار الامرة بالتمسح بالثلج أزيد من ذلك اما صحيحة علي بن جعفر فهي ناطقة بالمدعى حيث قال فيها الثلج إذا بل وجهه وجسده أفضل وظاهر جواز التيمم أيضا كما يقتضيه قاعدة نفى
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»