مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٧٦
من الاخبار الظاهرة في اعتبار وقوع التيمم بنفس الغبار لا بالشئ الذي يكون الغبار كامنا فيه ففي مثل الفرض يجب نفض الثوب حتى يظهر غبارة ليقع التيمم بغباره كما أنه هو الذي يقتضيه قاعدة الميسور التي هي مناط شرعية التيمم بالغبار على الظاهر كما يفصح عنه التعليل الواقع في صحيحة زرارة بان فيها غبارا ويؤيده تقدم رتبته على الطين الذي علل جواز التيمم به في بعض الأخبار بأنه صعيد طيب وماء طهور فالقول باعتبار نفض الثوب وبروز غباره أقوى مع أنه أحوط نعم لو تعذر ذلك لكان الأحوط هو الجمع بين التيمم بالثوب الذي يثور منه الغبار بالضرب عليه والتيمم بالوحل الذي ستعرف تأخر رتبته عن الغبار * (الرابع) * هل يعتبر تقديم ما هو الأكثر غبارا أم لا وجهان من الاطلاق الاخبار الامرة بالتيمم من غبار ثوبه أو شئ معه مغير ومن اقتضاء قاعدة الميسور اعتبار مراعاة الأقرب فالأقرب وامكان دعوى ان مغروسية القاعدة في الذهن توجب صرف الاطلاقات إلى ما يقتضيها ولا ريب ان هذا هو الأحوط وان كان الأول أظهر * (الخامس) * يعتبر في الغبار كونه من اجزاء الأرض كغبار التراب ونحوه مما يجوز التيمم بأصله بلا خلاف فيه على الظاهر فلا يجزى غبار الأشنان والدقيق ونحوه لانصراف الأدلة عنه خصوصا بعد التفات الذهن إلى عدم جواز التيمم بأصله وكون الحكم مبنيا على مراعاة قاعدة الميسور بل ربما يدعى عدم صدق الغبار حقيقة على ما عدا غبار التراب السادس لا خلاف نصا وفتوى في أنه مع فقد ذلك أي الغبار حقيقة أو حكما يتيمم بالطين المعتبر عنه في المتن وغيره بالوحل كما يدل عليه اخبار مستفيضة تقدم جملة منها واما مع وجود الغبار فضلا عن التراب ونحوه فلا يعدا إليه فإنه متأخر عن الغبار في الرتبة بلا خلاف أيضا بل ادعى غير واحد الاجماع عليه ويدل عليه المستفيضة المتقدمة كصحيحتي رفاعة وابن المغيرة وموثقة زرارة ورواية أبي بصير المعلقة جواز التيمم بالطين على ما إذا لم يجد غيره فإنها تدل بالمفهوم على تأخر مرتبته عن كل ما يتيمم به حتى الغبار الذي استفيد جواز التيمم به في الجملة من نفس هذه الروايات وفى رواية أبي بصير التنصيص على اشتراطه بفقد الغبار فإنه قال إذا كنت في حال لا تقدر الا على الطين فتيمم به فان الله أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر ان تنفضه وتيمم به فما في المدارك من الاستشكال في تقديم الغبار على الوحل لو لم يكن اجماعيا زاعما انحصار مدركه في رواية أبي بصير التي لا يراها حجة لضعف سندها في غير محله لما عرفت من عدم الانحصار مضافا إلى عدم الاعتناء بضعف السند في مثل هذه الرواية خصوصا مع ما في حاشية المدارك من التصريح بصحتها عنده وفى الحدائق وصفها بالصحة وكذا ما في الحدائق من الاستشكال فيه لزعمه معارضة الأخبار المتقدمة برواية زرارة عن أحدهما قال قلت رجل دخل الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ما يصنع قال يتيمم فإنه الصعيد قلت فإنه راكب ولا يمكنه النزول من خوف وليس هو على وضوء قال إن خاف على نفسه من سبع أو غيره وخاف فوات الوقت فليتيمم يضرب بيده على اللبد أو البرذعة ويتيمم ومرسلة علي بن مطر سئلت الرضا (ع) عن الرجل لا يصيب الماء ولا التراب يتيمم بالطين قال نعم صعيد طيب وماء طهور وفيه ان مقتضى القاعدة تقييد الرواية الثانية بما إذا لم يتمكن من الغبار كما لعله هو الغالب في مفروض السائل جمعا بينها وبين الأخبار المتقدمة واما رواية زرارة فيحتمل قويا ان يكون المراد بالطين الذي امر بالتيمم منه في هذه الرواية هو الذي لم يبلغ مرتبة الوحل بحيث يصح اطلاق اسم الصعيد عليه على الاطلاق كما اطلق عليه في الرواية فان من المستبعد ان يكون مثل هذه الأجمة التي يضطر الرجل إلى أن يصلى فيها مجموعها وحلا من غير أن يجتمع في شئ منها الماء بقدر ان يتوضأ فهي لا تنفك عادة عن مواضع يمكن ان يتيمم بها من غير أن يتلطخ بها اليد بحيث لا يصدق عليها اسم الوحل وان لم يطلق عليها اسم التراب فان المراد بالوحل هو الطين الرقيق الذي لا يطلق عليه اسم الأرض ويتلطخ به اليد عند وضعها عليه بل هذا هو المتبادر من الطين أيضا في ساير الاخبار وما لم يبلغ هذه المرتبة فهو مقدم على الغبار بلا تأمل هذا مع أن الظاهر أن المراد بقوله فإنه راكب لا يمكنه النزول [الخ] هو الاستفهام عن حكم من تعذر عليه النزول للتطهير والتوضي بواسطة الخوف فهي على الظاهر مسألة مستأنفة فليتأمل ثم لو سلم دلالة هذه الرواية على ما ادعى فهي لا تصلح معارضته للأخبار المتقدمة خصوصا بعد اعراض الأصحاب عنها فلا مجال للتشكيك في الحكم والله العالم * (تنبيه) * اختلف كلام الأصحاب في كيفية التيمم بالوحل والذي يظهر من المتن وغيره بل عن الحلى وغيره التصريح به انها كالتيمم بالتراب يضرب يديه عليه ويمسح بهما جبهته وظاهر كفيه وهذا هو الذي يقتضيه اطلاقات الأدلة الواردة في مقام البيان إذ لو كان له كيفية خاصة لبينها الإمام (ع) عند الامر به وعن المقنعة انه يضع يديه ثم يرفعهما فيمسح إحديهما بالأخرى حتى لا تبقى فيها نداوة ثم يمسح بهما وجهه وفيه انه لا دليل على اعتبار هذا الشرط اللهم الا ان يريد به الفضل والاستحباب فيمكن دعوى استفادته من الأخبار الدالة على استحباب نفض اليدين عند التيمم بالتراب بنحو من الاعتبار وعن كتب الشيخ انه يضع يديه في الطين ثم يفركه ويتيمم به وعن الوسيلة يضرب يديه على الوحل قليلا ويتركه عليهما حتى
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»