مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٦٩
ثم مسح على جبينيه وكفيه مرة واحدة وعنه أيضا عن أبي جعفر (ع) في التيمم قال تضرب بكفيك الأرض ثم تنفضهما وتمسح بهما وجهك ويديك وعنه أيضا عن أبي جعفر (ع) قال اتى عمار بن ياسر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أجنبت الليل فلم يكن معي ماء قال كيف صنعت قال طرحت ثيابي وقمت على الصعيد فتمعكت فيه فقال هكذا يصنع الحمار اما قال الله عز وجل فتيمموا صعيدا طيبا فضرب بيديه على الأرض ثم ضرب إحديهما على الأخرى ثم مسح بجبينه ثم مسح كفيه كل واحدة على ظهر الأخرى فمسح اليسرى على اليمنى واليمنى على اليسرى إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الواردة في كيفية التيمم الدالة على أن المراد بتيمم الصعيد وضع الكفين عليه وامرار هما على الوجه و اليدين لا امرار نفس الصعيد عليهما الذي هو عبارة عن مسحه بهما فكيف يمكن ان يراد بمن في الآية التبعيض ولا يصحح ذلك الالتزام باشتراط العلوق فان غاية ما يمكن ان يلتزم به انما هي اعتبار الأثر الذي يبقى في اليدين الموضوعتين على التراب مثلا بعد نفضهما وهذا الأثر لا يسمى باسم التراب عرفا وان صدق عليه انه منه لكن بمعنى كونه ناشئا منه لا بمعنى كونه ترابا أو بعضا من التراب وان أبيت الا عن كفاية هذا المقدار من الإضافة بعد المسامحة العرفية في إرادة التبعيض من كلمة من في الآية فنقول ان هذا المقدار من الأثر الذي يبقى في اليد بعد نفضها الذي لا يعتبر في التيمم أزيد منه بالضرورة فلما ينفك عنه ضرب اليدين على مطلق وجه الأرض ولو على الحجر فان الغالب وجود غبار عليه يتأثر منه اليد وعدم كون ذلك الغبار جزء من الحجر لا يضر بعد كونه جزء من الأرض التي هي عنوان الموضوع فما اعترضه بعض على صاحب الذخيرة حيث جوز التيمم بالحجر بشرط ان يكون عليه غبار يتعلق باليد بان المتبادر من الآية كون ما يتيمم من جنس ما يتعلق باليد في غير محله وحيث إن الغالب تحقق هذا المقدار من الأثر عند مماسة الحجر أيضا فلا يصلح ان يكون ظهور من في التبعيض شاهدا على عدم إرادة ما عدا التراب ثم لو سلم ظهور كلمة من في التبعيض ومنافاته لجواز التيمم بالحجر فإنما هو في المتماسك منه دون مسحوقه أو غيره من انحاء وجه الأرض فلا يصلح قرنية لإرادة خصوص التراب وملخص الكلام ان دعوى دلالة الآية على إرادة التراب من الصعيد ضعيفة جدا ونظيرها دعوى استفادته من صحيحة زرارة المتقدمة فإنها مسوقة لبيان دلالة الآية على أن المسح ببعض الوجه واليدين لمكان الباء وقد تقدم بعض الكلام في توجيه الرواية في مبحث الوضوء فراجع وقوله (ع) ثم وصل بها وأيديكم منه أي من ذلك التيمم ان أبقيناه على ظاهره بارجاع الضمير إلى نفس التيمم وان احتاج توجيهه إلى تكلف فالمتعين حمل كلمة من على الابتداء كما هو واضح وان قلنا بأنه أريد بالتيمم ما يتيمم به كما هو الظاهر المناسب لما بعده من التعليل وغيره من القرائن فالامر أيضا كذلك بمعنى ان المتعين حملها [ح] أيضا على الابتداء دون التبعيض فان المقصود بقوله (ع) ان ذلك اجمع الحديث على الظاهر انما هو بيان حكمة ان الله تعالى أوجب ان يكون المسح (من الصعيد لا به بنفسه حيث علم أنه لنفسه لا يتعلق بالكف على وجه بان اجرائه بالكيفية المعتبرة في التيمم على الوجه واليدين فأوجب الله تعالى ان يكون المسح) ناشيا منه لا به وليس المراد بما يعلق ببعض الكف من الصعيد العلوق الذي اعتبره القائلون به ضرورة ان ذلك العلوق بعد تسليم صحة اطلاق كونه بعض الصعيد يعلق غالبا بجميع الكف كما هو الشرط على الظاهر لدى مشترطيه بل ربما يتعلق بظاهر اليد أيضا فالمقصود به على الظاهر ليس الا ان ذلك الصعيد بنفسه لا يعلق حقيقة الا ببعض الكف فلا يمكن ان يكلف الناس باجرائه على الوجه واليدين بالنحو المعتبر فيهما ولذا لم يأمرهم بذلك وانما أوجب عليهم المسح منه بنحو من الاعتبار الذي بينه الشارع في الاخبار البيانية وبما ذكرنا اتضح ما نبه عليه الشهيد في محكى الذكرى بقوله بعد ايراد الخبر المذكور وهذا الصحيح فيه إشارة إلى عدم اعتبار العلوق انتهى لا يقال إن مقتضى ما ذكرت خروج الحجر ونحوه مما لا يعلق بعضه المسمى باسمه ببعض الكف من مصداق الصعيد لما في الرواية من التصريح بأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف لأنا نقول كونه كذلك انما هو بحسب الغالب وقد ذكر ذلك تمهيدا لقوله (ع) ولا يعلق ببعضها الذي هو الحكمة في عدم ايجاب المسح به فلا ظهور له في إناطة موضوعية الموضوع بكونه متصفا بهذه الصفة ثم إن ما ذكرنا في توجيه الرواية الشريفة أقرب وجوهها المحتملة في مقام التوجيه والا فالانصاف ان هذه الفقرة الأخيرة منها متشابهة لا يكاد يرى ظاهرها على وجه يوثق به والغرض من إطالة الكلام فيها الإشارة إلى أجمل الوجوه والتنبيه على عدم دلالتها على اشتراط العلوق كما قد يتوهم والا فقد أشرنا انفا إلى أنه لو سلمت دلالتها على أن كلمة من في الآية للتبعيض بل صراحتها على اشتراط العلوق في التيمم لا يجدي للمستدل بعد قضاء الضرورة بعدم اعتبار أزيد من الأثر الباقي في اليد بعد نفضها في صحة التيمم فان مثل هذا الأثر كثيرا ما بل غالبا يحصل بضربها على الحجر المتماسك أيضا فضلا عن مسحوقه كما هو واضح * (وأجيب) * عن استدلال السيد واتباعه بقوله (ع) جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا بضعف الرواية لعدم ايرادها بهذا المتن الا في كتب الفقهاء واما في كتب الاخبار فقد رويت باسقاط لفظ وترابها فعن الكافي انه روى عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله تبارك وتعالى اعطى محمدا صلى الله عليه وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى إلى أن قال وجعل له الأرض مسجدا وطهورا الحديث وعن محاسن البرقي عن أبي إسحاق الثقفي
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»