مجتمع يثرب - خليل عبد الكريم - الصفحة ٦٧
إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر) (92).
كان ذلك في حجة الوداع.
وهكذا وفى أقدس المشاعر والأوقات يصر الفضل على أن يبصبص (93) للحاجات ورغم ان محمدا (ابن عمه) حول وجهه أكثر من مرة إلى الجهة الأخرى الا انه يعاود التطلع إليهن وعندما جاءت امرأة خثعمية تقول الروايات انها حسناء وضيئة إلى محمد تستفتيه في أمور دينها ينتهزها الفضل فرصة فيمعن النظر إليها وترد هي إليه التحية بأحسن منها فتحدق ببصرها فيه ولا يرى محمدا بدا من فض هذا الاشتباك البصري فيلفت وجه الفضل إلى الشق الاخر ولكن الأخير مصر على البصبصة (93).
ويبدو ان الخثعميات كن آنذاك يتميزن بالملاحة والحسن فهناك خثعمية هي أسماء بنت عميس تعاقب عليها خمسة أزواج من الصحابة من بينهم شقيقان هما جعفر وعلى ابنا أبى طالب والحمزة بن عبد المطلب وأبو بكر بن أبي قحافة. وخبر الفضل والمرأة الخثعمية ورد في جل المصادر التراثية رفيعة الدرجة أي ان التشكيك فيه ضرب من المكابرة وهو مثل فاقع على طغيان تلك النزعة نزعة الالتقاء بالآخر من كلا الطرفين وانها غلابة وقهاره تهيمن على افراد ذاك المجتمع فتجعلهم يحطمون في طريقهم كل القيم فلا قدسية صحبة محمد ولا قدسية المكان ولا قدسية الزمان تقف حائلا في طريقهم. ولعل طغيان تلك النزعة لدى أولئك تتضح جلية في الإجابة عن السؤال الآتي: هل يجرؤ مسلم في أيامنا هذه مهما بلغ استهتاره على أن يبصبص إلى النسوان
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 71 72 73 ... » »»
الفهرست