مجتمع يثرب - خليل عبد الكريم - الصفحة ٦٤
ليهدئ من ثورتها... فهي لم تصبح زوجته إذ أين العقد ومتى انعقد وأين الشاهدان والعلانية... الخ.
وأحسن الفروض ان أمير المؤمنين كان خاطبا لم يتجاوز بعد مرحلة الخطبة وهنا لعل القارئ يسأل:
هل يجوز للخاطب - حسب الشرع الذي حمله محمد إلى الناس - ان يكشف عن ساقى مخطوبته ويعاينهما؟
وهل يمكن لأي خاطب ان يقتدى بعمر في ذلك باعتباره من النجوم الذين إذا اقتدى بهم المسلم اهتدى؟ أم هي من خواص عمر وحده دون المسلمين؟ أم ان عمر اعتمد في ذلك على أنه ممن شهد بدرا وبايع تحت الشجرة فمهما فعل أو تجاوز فان خطاياه مغفورة له خاصة وانه من (العشرة المبشرين بالجنة) الذين لا تضرهم البتة أفعالهم؟
أيا كان الامر فان الواقعتين اللتين صدرتا من اثنين من أكابر الصحابة... تقطع بتأكيد ما وثقناه من أن النزوع للآخر لدى افراد ذلك المجتمع ذكورا وإناثا كان دفاقا ولذا فهو وضع الصحابة ذوي الرتب العوالي و (عامة المسلمين) في كفتين متساويتين لان الأولين في نهاية المطاف ما هم الا بشر تعتريهم كغيرهم النوازع الطبيعية وانهم لا يستطيعون الانفلات من اكراهات المجتمع الذي يحيون بين جنباته.
من شدة ذلك الوازع على أعضاء (مجتمع يثرب) ان غطى على بصيرتهم فلم يفرقوا بين ما إذا كان المكان مما يجوز اظهاره فيه أو هل الميقات مناسب لابدائه أم هل المهمة الموكولة إلى العضو تحتم عليه كتمانه أم لا.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست