الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٢٣
وكان الشعور بالخطيئة أكثر من واجب الانتقام هو الذي دفع هؤلاء الشيعة إلى القتال والموت. ولو كانوا قد بذلوا للحسين وهو حي نصف ما بذلوا وهو ميت فلعل مجرى الامر أن يكون قد تغير.
كان اندحار سليمان بن صرد وجماعته في عين الوردة نقطة تحول حاسم في التاريخ الداخلي للشيعة والفضل في هذا التحول إنما يرجع إلى المختار بن أبي عبيد وهو ثقفي كالمغيرة وزياد وعبيد الله والحجاج ولا يقل عن هؤلاء شأنا.
وإن كان من طبيعة أخرى مخالفة لطبائعهم تمام المخالفة (1). كان من أسرة كريمة.
وقاد أبوه المعركة ضد الفرس عند البويب (النخيلة) وقتل في هذه المعركة البائسة وتزوجت أخته عبد الله بن عمر بن الخطاب ذو المكانة البارزة المرموقة كما تزوج بنت النعمان بن بشير الأنصاري ذي المكانة الرفيعة كذلك وكان له في الكوفة بيت وكان له بالقرب منها ضيعة أما ماضيه فيحيط به الغموض (2) ولم يظهر على المسرح العام إلا بعد أن بلغ الستين من عمره فكان شيعيا غيورا. قدم من ضيعته في خطرنيه مع مواليه إلى الكوفة لما اضطرب الامر بوفاة معاوية وآوي مسلم بن عقيل واشترك في حركته التي كانت قبل أوانها (3). وخلص من يد عبيد الله بعين مشتورة بعد أن تشفع لديه فيه بعض الأصدقاء الأخيار ولكنه نفي خارج الكوفة (4).
فذهب إلى الحجاز وفي الطريق لقي ابن العرق (5) فذكر له كيف أن عبيد الله

(1) كتب عنه فان خلدر Van Gelder رسالة مفصلة قيمة جدا طبعت في ليدن سند 1888 عند برل Brill.
(2) ورد في الطبري (2 / 2 س 14 ص 520 س 11): أن المختار وهو غلام شاب أشار على عمه وكان عاملا على المدائن بأن يوثق الحسن بن أبي طالب ويستأمن به إلى معاوية.
ولكننا نراه (الطبري 2 / 134 س 4) يروغ من زياد بن أبيه حينما طلب منه أن يوقع عريضة الشكوى ضد حجر بن عدي - والرواية الواردة في الطبري (2 / 746 - 748) لا تستحق أي رد.
(3) الطبري (ص. 272 520 وما يليها).
(4) الطبري (2 / 522) قارن (ص 536 وما يليها ص 600).
(5) يظهر أن هذا الرجل كان مشهورا ولكنني لم أستطع تحصيل معلومات عنه.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست