الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٢٠
لا من الشيعة وعلى رأسهم يزيد بن رويم الشيباني الذي اكتسب بذلك مكانة بارزة. وفي هذه الفترة الخالية من الحاكم الرسمي ولي أولا عمر بن سعد أميرا على الكوفة وخلفه قرشي آخر. وكان ابن الزبير قد استطاع إن يوطد لنفسه في العراق حتى بايعه أشراف الكوفة خليفة وإن لم يكونوا بقلوبهم معه (الطبري 2 / 531) فأرسل إليهم عبد الله بن يزيد الأنصاري واليا على الكوفة وذلك في يوم الجمعة الثاني والعشرين من رمضان سنة 64 ه‍ (الجمعة 13 مايو سنة 684 الطبري 2 / 509).
ولقد كان لهذا التغيير أثره المفيد عند الشيعة رغم أنهم كانوا يكرهون ابن الزبير الذي استولى على ميراث (1) الحسين. ومن ثم صاروا أكثر جرأة وانتشروا في أوساط أوسع وكانت عواطف الجماهير معهم وإن كان الاشراف لا يريدون الاعتراف لهم بشئ وكان همهم كله إبعاد المغامرين عن الكوفة وتجنيب أنفسهم - وهم في مركز المسؤولين - كل خطر.
وبرز في مقدمة (الدعاة) (2) عبيد الله بن عبد الله المري الذي لم يمل من تكرار ما يقوله حتى يوقع اليقين في نفوس السامعين. (... ابن أول المسلمين إسلاما وابن بنت رسول رب العالمين: قلت حماه وكثرت عداته حوله فقتله عدوه وخذله وليه. فويل للقاتل وملامة للخاذل! إن الله لم يجعل لقاتله حجة ولا لخاذله معذرة - إلا أن يناصح الله في التوبة فيجاهد القاتل وينابذ القاسطين فعسى الله عند ذلك إن يقبل التوبة ويقيل العثرة. إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل بيته وإلى جهاد المضلين والمارقين. فإن قتلنا فما عند الله خير للأبرار وإن ظهرنا رددنا إلى أهل بيت نبينا) (3) (الطبري 2 / 508). فزاد الأنصار عددا حتى بلغوا 16000 رجل أقسموا على الولاء وإن لم يكونوا أعضاء في هذا الحزب كذلك تمت اتصالات بالمكاتبات مع المدائن والبصرة. ولم يهمل القوم أن يجمعوا إلى جانب ذلك - المال والسلاح.
وكانت شارتهم هي: الثأر للحسين! لم يكن أمامهم هدف ثابت معين بل ترددوا في أي الوسائل أنسب للتضحية بحياتهم. وأقرب هدف أمامهم كان أن

(1) (المترجم: ميراث الخلافة).
(2) ومن ثم سيصبح (الدعاة) ظاهرة مميزة للشيعة.
(3) (المترجم: أوردنا الفقرة بنصها وإن كان المؤلف اختصرها.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست