الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٢١
يستولوا على الكوفة ويطردوا الاشراف فهؤلاء تقع على عواتقهم المسؤولية الكبرى في مقتل الحسين بسبب تواطؤهم مع السلطة وطاعتهم لها ولذا كانوا في خوف شديد. وكانت غالبية الشيعة من هذا الرأي - أي وجوب طرد الاشراف ولكن سليمان كان على غير هذا الرأي إذ وجد من الحكمة ألا يجعل ضده هؤلاء الاشراف ذوي النفوذ الكبير. فوجه القوم ضد الأعداء الحقيقيين المباشرين والمستبدين ضد حكومة بني أمية وخصوصا ضد عبيد الله بن زياد الذي ارتحل إلى الشام واستعد هناك (سنة 65 ه‍) بجيش عظيم من أهل الشام ليكسب العراق لحكم مروان. وساعد على الوصول إلى هذا القرار حكمة وإلى الكوفة عبيد الله بن يزيد.
كان الاشراف قد ألحوا عليه في أن يهاجم جميع الشيعة. ولكنه قال: (الله بيننا وبينهم! إن هم قاتلونا قاتلناهم وإن تركونا لم نطلبهم.. فليخرجوا ولينتشروا ظاهرين ليسيروا إلى من قاتل الحسين فقد أقبل إليهم وأنا لهم علي قاتله ظهير هذا ابن زياد قاتل الحسين وقاتل خياركم وأماثلكم قد توجه إليكم عهد العاهد به على مسيرة ليلة من جسر منبج فقتاله والاستعداد له أولى وأرشد من أن تجعلوا بأسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا ويسفك بعضكم دماء بعض فيلقاكم ذلك العدو غدا وقد رققتم وتلك والله أمنية عدوكم) (الطبري 2 / 510 - 511).
فأصبح في وسع الشيعة آنذاك أن يظهروا ثورتهم علنا على ابن زياد. فقرروا أن يتجمعوا إلى أول ربيع الثاني سنة 65 ه‍ ((15 نوفمبر سنة 684) في معسكر النخيلة (قرب الكوفة) ودعوا كذلك أنصارهم في المدائن والبصرة. وهكذا لم يصل الاتفاق بينهم وبين الوالي إلى حد قبول ما اقترحه من أن يتفقوا معه ومع رؤساء القبائل في الكوفة على أن يكونوا جبهة واحدة ضد أهل الشام.
ولم يجتمع من بين ال‍ 16000 رجل الذين وعدوا بالذهاب إلا 4000 في الموعد المحدد في النخيلة ولكن هذا العدد كان كافيا لقتال وكان فيهم عرب من كل القبائل وكثير من القراء ولكن لم يكن فيهم أحد من الموالي. ومع أنه كان فيهم معدمون فقد كانوا جميعا راكبين ومسلحين جيدا. وفي يوم الجمعة الخامس من ربيع الثاني سنة 65 ه‍ (السبت (1) 19 نوفمبر سنة 684 م) مضوا إلى كربلاء وهناك

(1) يبدأ من مساء اليوم السابق.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست