الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ١٣٤
المختار لمواجهتهم ثلاثة آلاف من الفرسان (1) بقيادة يزيد بن أنس الأسدي والتقى الجمعان في التاسع من شهر ذي الحجة سنة 66 ه‍ (7 يوليو سنة 686) عند الفجر بالقرب من الموصل وكان جيش أهل الشام ضعف جيش المختار ومع ذلك انتصر عليهم بعد قتال دام يومين وكان يزيد بن أنس قد خرج للقتال وهو مريض وقاد المعركة وهو مشرف على الموت وكان على حمار يمشي معه الرجال يمسكونه عن يمينه وعن شماله بفخذيه وعضديه وجنبيه ومات في المساء بعد أن انتصر جيشه فلما مات أسقط في أيدي أصحابه إذ كسر موته قلوبهم هنالك قرر سائر القادة العودة إذ لم يجرؤوا على مواجهة قوات أهل الشام وهي تقترب من ميدان المعركة في ثمانية آلاف رجل.
ولكن انتشرت في الكوفة إشاعة تقول: إن الشيعة هزمهم أهل الشام فأمر المختار إبراهيم بن الأشتر بالمسير بجيش مؤلف من سبعة آلاف رجل إلى ميدان المعركة بأسرع ما يستطاع وفي هذه الظروف ازدادت جرأة الاشراف على المختار وهم قادة حزب العصبية العربية وأخذوا يعتبون على المختار أنه تأمر عليهم بغير رضى منهم ولا بأذن من ابن الحنفية وأنه أظهر هو وسبايته (ببدع ابتدعها في الاسلام) البراءة من أسلافهم الصالحين وأنه أدنى مواليهم فحملهم على الدواب وأعطاهم وأطعمهم من فيئهم فسلبهم بذلك حقوقهم لأنهم أعتقوا عبيدهم على أمل الاجر في ذلك والثواب والشكر فلم يرض المختار لهم بذلك حتى جعلهم شركاءهم في الفئ وأخذ هؤلاء العبيد فحارب بهم يتاماهم وأراملهم (- 2). وكان شبث بن ربعي التميمي - الشيخ العجوز - هو الذي يتحدث باسمهم فذهب إلى المختار يكلمه في هذه الأمور فوعده المختار بالنظر فيها وإرضائهم كلما استطاع إلى ذلك سبيلا ثم سأل شيئا: (إن أنا تركت لكم مواليكم وجعلت فيئكم فيكم - أتقاتلون معي بني أمية وابن الزبير وتعطون على الوفاء بذلك عهد الله وميثاقه وما أطمئن له من الايمان؟) (الطبري 2 / 650) - فلم يوافقه الاشراف على ذلك،

(1) أن كونهم فرسان قد يستنتج منه أنهم عرب ولكن الواقع هو أنه كان من بينهم بعض الموالي (الطبري ص / 647 س 6).
(2) كان هؤلاء اليتامى والأرامل أحوج الناس إلى العبيد وأعجزهم عن الاحتفاظ بهم بالقوة.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست