رسالة معروف إلى غالب الزراري إلى حفيده في تراجم آل أعين و...
" التي حررت سنة 356 مرة وبعد 11 سنة يعني 367 حررت مرة أخرى.
والأشهر منها جميعا كتاب " معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين عليهم السلام " (1) تأليف الشيخ أبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي (المتوفي في حدود منتصف القرن الرابع) (2) وتوجد منه في الحال الحاضر خلاصة منتخبة باسم " اختيار الرجال " والنسخة المطبوعة معروفة وفي متناول الأيدي.
وفي حدود النصف الأول من القرن الخامس الهجري يعني بعد مرور ثلاث قرون على تأليف أول كتاب رجالي، وضعت الأصول الأربعة الرجالية، أي الكتب الأربعة المشهورة مورد استناد هذا العلم، التي تشكلت من تركيب المصنفات السابقة وتصحيحها واندماجها، فبدأ فصل جديد في تاريخ هذا العلم. ولحسن الحظ بقيت هذه الكتب الأربعة مصونة طول الزمان من تطاول يد الحدثان، وظل أصلها باقيا حتى يوم الناس هذا، وقد تكرر طبع بعضها.
وهي عبارة عن:
اختيار الرجال الفهرست الرجال وثلاثتها تاليف الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (المتوفى 460).
وكتاب الفهرست المعروف " برجال النجاشي " تأليف أحمد بن علي النجاشي (المتوفى سنة 450). (3) هذه الكتب الأربعة ظلت دائما مدى القرون العديدة التالية لتأليفها محل العناية والاستفادة والمراجعة بالنسبة لخبراء الفن. وكما سنرى بالتفصيل ان اعمالا من قبيل الترتيب والتبويب والجمع والتفصيل قد أجريت على أساسها.
ومن ثم استوجب تأليف هذه الكتب الأربعة اعتبار هذا القرن قمة القرون السابقة ونقطة أوج فعاليتها الرجالية حتى ذلك الوقت.
بداية تدوين اقسام علم الرجال كل على حدة والدافع لكل:
ان علم الرجال بمعناه العام كما سبق ان قيل يتضمن عدة أقسام، من جملتها: الرجال بالاصطلاح الخاص (= معرفة أسماء الرواة أو الأوصاف التي تؤثر في رد اخبارهم وقبولها)، الفهرست (= معرفة أسماء المؤلفين والمصنفين)، التراجم أو تاريخ الرجال (= معرفة تاريخ وشرح حال العلماء أو الرواة لا من حيث التدخل في رد الخبر وقبوله)، والمشيخة (= معرفة سلسلة الأسانيد الروائية).
فلو شئنا تعيين تاريخ دقيق لبداية كل من هذه الأقسام، لأعوزنا الاطلاع الكافي الا ان جمع أسماء عدة من الناس تشترك في جهة واحدة كما سبق ان وضحنا قد حدث لأول مرة في القرن الاسلامي الأول بمعرفة أحد الشيعة باسم عبيد الله بن أبي رافع.
أما تدوين الكتب الرجالية بالمعنى المصطلح (يعني ما هو مرتبط بذكر أحوال رواة الحديث من حيث الصفات التي يمكن أن تؤثر في رد اخبارهم وقبولها) فإن الظن الغالب أنه بدأ في النصف الأول من القرن الثاني، يعني منذ فترة رواج الحديث. وربما أمكن القول بصفة قاطعة أن الدافع الأصلي لظهور هذا الفن وتدوين المصنفات الخاصة به، كان الاهتمام والمراقبة البالغين من الشدة حد الوسواس، الذين كان المحدثون وجامعوا الحديث يراعونهما أثناء قيامهم بمهمة تدوين الروايات.
لقد تعددت عوامل جعل الحديث في ذلك الوقت فمنها: أولا، ان مقام المحدثين وحملة الحديث ووزنهم الاجتماعي أغرى بعض السطحيين طلاب الشهرة بالاندساس في كوكبة المحدثين. ثانيا، كانت الأغراض السياسية والفرقية هي الأخرى عاملا مهما قائما بذاته في تلك الحالة، مما أدى إلى نسبة أحاديث كثيرة نبتت على السن منابع الحديث إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم - أو في حوزة التشيع إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام. هذا الأمر الذي ينعكس في كثير من بيانات الأئمة عليهم السلام أو الرواة، استوجب أن يأخذ خبراء الفن في تشخيص الحديث صحيحه من سقيمه بذكر أسماء الرواة، وتمييز الممدوح من المذموم. وهكذا ألفت الكتب في هذا الصدد.
وكذلك الحال، فان أيدينا خالية من الاطلاع الدقيق بالنسبة لبداية تدوين الكتب الخاصة بقسم الفهرست. إلا أنه من المسلم أن الفهرسة كانت رسما متداولا منذ سنوات قبل الشيخ الطوسي والشيخ النجاشي، شأنها شان كتب الرجال، هذا ما يستفاد من قول الشيخ الطوسي في مقدمة كتابه الفهرست، إذ يقول بالنص: " فإني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول... " كما أن كلام المحقق الشوشتري في مقدمات الكتاب النفيس " قاموس الرجال " يثبت أن أكثر القدماء كانت لهم فهارس (4) وإن كان محتوى هذه الفهارس قد خضع لأسلوب الاختصار، ومؤلفوها لم ينصوا على الكتب التي رووا عنها أو التي كانت في مكتباتهم (5). ولقد ذكر الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست بعضا من هذه الفهارس، من جملتها فهرست ابن عبدون (المتوفى سنة 423) الذي ذكره ضمن ترجمة إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال. (6)