مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١٥
الفاطميين، إذ ليس غير هذه الجيوش كان معنيا في ذلك الحين بقتال البيزنطيين... فهل هذا أيضا يلقي ضوءا على رأي الأستاذ مارون عبود في " فاطمية " أبي العلاء؟. " انتهى ما ذكره الدكتور حسين مروة ".
ونحن هنا نريد ان نجلو شكوك الدكتور مروة، ونوضح ما اعتبره غموضا في حقيقة المقاتلين الذين تغنى ببطولاتهم أبو العلاء، ونؤكد له ان من تراءى له انهم قواد الجيوش الفاطمية، هم بالفعل ابطال تلك المعارك التي أثارت شاعرية أبي العلاء، وانه يستطيع ان يكون على يقين بأنهم هم لا غيرهم الذين نظمت فيهم الأشعار العلائية.
وذلك بعرض الحقائق التاريخية التالية:
استطاع البيزنطيون بعد موت سيف الدولة الحمداني وضعف الدولة الحمدانية في عهد خلفائه ان يستولوا على كثير من المدن في شمال بلاد الشام ولما وصل الفاطميون إلى مصر وركزوا دولتهم فيها وثبتوا دعائمها في عهد المعز لدين الله سنة 358 ه (969 م) كان أكبر همهم استرجاع ما استولى عليه البيزنطيون من المدن الشامية، وحاولوا أول الأمر اجلاء البيزنطيين عن أنطاكية ولكن القوى البيزنطية كانت أكثر كثافة من قواتهم الزاحفة إليها، فان البيزنطيين عرفوا خطورة سقوط أنطاكية لذلك حشدوا للدفاع عنها قوى كانت أعظم مما قدر الفاطميون ففشل الجيش الفاطمي في استردادها، واغتنم الإمبراطور البيزنطي حنا زيمسكس هذا الفشل وتقدم بجيوشه سنة 975 م من أنطاكية إلى حمص ومنها إلى بعلبك، وخافت دمشق مغبة مقاومته فخضعت ودفعت له الجزية، كما سلمت له طبريا وقيسارية، وكان مصمما على الوصول إلى القدس، وهكذا يسبق هذا الإمبراطور البيزنطي الصليبيين في التفكير باستعادة القدس من المسلمين.
ويبدو جليا من استعراض الاحداث ان الفاطميين أدركوا نية حنا زيمسكس وصمدوا له فتراجع عن محاولة الوصول إلى القدس وغير هدفه واتجه إلى الساحل مغتنما فرصة حشد الجيوش الفاطمية في طريق القدس، فاستطاع الاستيلاء على صيدا وبيروت، ثم اتجه إلى طرابلس، واسرع الفاطميون لصده والوقوف في طريق زحفه إليها، وعضدوا جيشهم البري المدافع عنها بأسطولهم الحربي، واستطاعوا الحاق الهزيمة بالإمبراطور البيزنطي ورده عن طرابلس وملاحقته حتى أخلى بيروت وصيدا وكل ما استولى عليه من بلدان الساحل، وظلت الضربات الفاطمية تلاحقه حتى ردته إلى أنطاكية ثم عاد من أنطاكية إلى عاصمته القسطنطينية مقهورا حيث توفي فيها في أوائل سنة 976 م.
وتمر السنون والفاطميون صامدون للبيزنطيين يدفعونهم عن بلاد الشام حتى كانت السنة 377 ه 987 م فرأى الإمبراطور باسيل الثاني عقم مقاتلة الفاطميين، وان لا امل بالنصر عليهم فأرسل إلى الخليفة الفاطمي (العزيز) في القاهرة وفدا يحمل هدية ويطلب انهاء الحرب، وكانت الهدية فيما يروي المؤرخون تحتوي على ثمان وعشرين صينية من الذهب، فلم يعارض (العزيز) في عقد الهدنة مع البيزنطيين ما داموا قد تخلوا عن أطماعهم، فعقدت هدنة مدتها سبع سنوات بشروط كلها في مصلحة الفاطميين.
ولكن الفاطميين مع الأسف كانوا لا يواجهون البيزنطيين وحدهم بل كانوا يواجهون الفتن التي يثيرها عليهم أبناء قومهم مستعينين عليهم بالبيزنطيين، كهذا الذي فعله أمير حلب سنة 381 ه مما أغرى باسيل الثاني بنقض الهدنة فزحف إلى بلاد الشام فالتقى به الفاطميون على ضفاف نهر العاصي فهزموه وردوه من حيث جاء، والذي جرى سنة 388 حين انجد باسيل الثاني نفسه المستنجدين به في ثورتهم على الفاطميين بقيادة (علاقة) في صور، وانتصر الفاطميون على البيزنطيين والمستنجدين بهم في معارك برية وبحرية والذي جرى في (افامية) (وهي التي ذكرها أبو العلاء في شعره) حين استنجد حسان بن مفرج الطائي بالبيزنطيين على الفاطميين حيث قامت فيها المعارك سجالا.
والواقع اننا لا نريد هنا التبسط في الحديث عن تاريخ المعارك بين البيزنطيين والفاطميين وجهاد الفاطميين في ردهم عن بلاد الشام وعن القدس بخاصة، فذلك له مكان آخر، ولكننا نريد ان نشير مجرد إشارة إلى تلك المعارك التي استثارت شاعرية أبي العلاء المعري وبعثت فيه روح الاعتزاز بالمناضلين الفاطميين وبطولاتهم في الدفاع عن الوطن العربي الاسلامي.
أحمد بن منير الطرابلسي مرت ترجمته في المجلد الثالث الصفحة 179 ونزيد عليها هنا ما يأتي:
العلاقة بينه وبين القيسراني لم يكن بدعا أن تنتج الحروب الصليبية في أوروبا أدبا ملحميا مستوحى مما حفلت به تلك الحروب من أحداث وخطوب، ولم يكن عجبا أن نرى في الآداب اللاتينية سواء في لغة الشمال أو لغة الجنوب ملاحم لأمثال جفري اللومباردي ويوسف اكستر وجنتر باسل وكذلك مثل أنشودة أنطاكية البروفنسالية التي ألفها غريغوري بشاده، وقصيدة بودريه وأنشودة غرايندور دوياي، وغيرها.
ولكن كان العجيب أن لا تخلق تلك الحروب الملاحم العربية، لا في حال تدفق الجيوش الفرنجية وانتصاراتها وما رافقها من فجائع وأهوال، وما عاناه المسلمون فيها من هوان وانكسار. ولا في حال انحسار المد الفرنجي واجتماع القوى الوطنية مستخلصة الوطن منه دفعة وراء دفعة حتى انتهت بتلاشيه.
وفيما عدا قليلا من القصائد والمقطوعات أعرب فيها أصحابها عن أحزانهم أيام الهزائم وأفراحهم أيام الانتصارات، فان تلك الحروب لم تنل ما كان يجب أن تناله من الشعر العربي، ولا أوجدت الملحمة في أدبنا، وكانت بذلك جديرة.
على انني وأنا اقرأ وقائع عماد الدين زنكي ثم وقائع ابنه نور الدين محمود مع الصليبيين، حين بدأ الأول مهاجمة الإفرنج، فكانت انتفاضته أول انتفاضة في وجه المحتلين بعد نوم طويل على الضيم.
انني وأنا اقرأ ذلك وجدت شعرا عربيا يسجل تلك الوقائع ويتغنى بها معبرا عما كانت تنضح به نفوس المسلمين من الابتهاج والحبور، وما كانت تفيض به بيئاتهم من الاستبشار والسرور.
وإذا كان مما يقلل من قيمة أصحاب ذلك الشعر في أعيننا أنهم لم ينظموا شعرهم ابتداء، ولا كان بنتيجة تحسس بالشعور العام، ولا تعبيرا عن حقيقة أمورهم، بل جاء في معرض المدح والاسترزاق. فإنهم وهم يعيشون في كنف عماد الدين ونور الدين ويحيون في سلطانيهما، كان لا بد لهم من أن يمدحوهما استدرارا للعطاء، وسواء أ كان عماد الدين ونور الدين غازيين منتصرين، أو متخاذلين متواكلين فإنهم سيمدحونهما حتما. إذا كان الأمر كذلك فان حسن حظهما جعل مدحهم غير منكور ولا ممجوج، وجعلهم دون أن يقصدوا لسان الحياة الاسلامية في تلك الفترة، فعبروا عن مشاعر الأمة ونطقوا بلسان الأحداث فاكتسبوا بذلك خلودا لم يكن ليتأتى لهم لو أن عماد الدين ونور الدين لم يكونا مدبري تلك الوقائع وقائدي تلك المعامع.
وأبرز شعراء تلك الفترة شاعران لقبهما معاصروهما شاعري الشام هما
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301