الكلام مكتفيا بما تقدره الروايات، اللهم الا في بعض الموارد، حيث يبدي اعتقادا بخصوص الشخص المعني أو السند أو مضمون أحد الأحاديث.
فمثلا: في شرح حال زرارة بن أعين، بعد أن ذكر حديثا في مذمته هكذا سنده " محمد بن الكرماني، عن أبي العباس المحاربي الجزري، عن يعقوب بن يزيد عن فضالة بن أيوب... " يقول: " محمد بن بحر هذا غال، وفضالة ليس من رجال يعقوب، وهذا الحديث مزاد فيه، مغير عن وجهه ". (1) والكتاب، لا يقتصر على رجال الشيعة فحسب ولا ينحصر في الموثقين والممدوحين قط. فكما أن فيه شرح حال زرارة وجه الشيعة المشرق، فيه أيضا شرح حال أبي الخطاب المقلاص الغالي المعروف. الا أنه اقتصر من غير الشيعة على ذكر من رووا للشيعة واعتبروا في عداد رجال الحديث الشيعة (2) فوجود اسم شخص في هذا الكتاب ليس دليلا على كونه شيعيا ولا برهانا على كونه ثقة. كما أن عدم وجود اسم شخص لا ينفي تشيعه أو يثبت ضعفه.
وفي مستهل الكتاب، ينقل سبع روايات في مدح الرواة وحملة الحديث، وأربع روايات تختص بأصحاب علي عليه السلام ومقربيه، ثم يأخذ في ذكر أسماء الرجال، فيذكر اسم صاحب الترجمة في البداية، ثم يعقب بما تقرره الروايات في حقه.
مثلا: " زيد بن صوحان - جبريل بن أحمد، قال حدثني موسى بن معاوية بن وهب... إلى آخره ". فالشخص المعني في العنوان عالية " زيد بن صوحان "، و " جبرائيل بن أحمد " هو الراوي الأول في سلسلة الحديث الذي نقل بخصوص زيد بن صوحان. وبعد هذا الحديث يشرع في الحديث الثاني على هذا النحو: " علي بن محمد القتيبي قال... إلى آخره " وبهذا الترتيب ينقل جميع الروايات التي وردت في زيد بن صوحان بالتوالي.
وأحيانا، يشخص اسم الشخص المعني بكلمة " في ". مثلا " في الحسين بن بشار - حدثني خلف بن حماد قال حدثنا... إلى آخره ". أي أن " حسين بن بشار " هو مورد الترجمة. وأحيانا يبدأ المطلب على هذا النحو:
" ما روي في ". مثلا: " ما روي في الحسن بن محبوب ".
والروايات التي تنقل في ذيل كل عنوان أيضا، تبدأ أحيانا بكلمة " حدثني " وأحيانا بجملة " وجدت بخط فلان "، وأحيانا بدونهما مقتصرا على اسم الراوي الأول.
ويبلغ مجموع من ذكر في هذا الكتاب من الرجال 515 شخصا، مندرجة في ستة أقسام حسب التقدم والتأخر الزمني.
أما أسماء الرجال فلا أساس في ترتيبها، فلا هي على أساس تاريخ الوفاة ولا هي على أساس صحابة آل البيت عليهم السلام ولا هي على أساس أبجدية الأسماء، الأمر الذي يجعل العثور على شرح حال شخص ما أمرا صعبا.
والنسخة المطبوعة في بومباي، ترتب فهرست الأسماء بنفس الترتيب الكائن في الكتاب مع ذكر رقم الصفحة الخاصة، مما يسهل أمر المراجعة إلى حد ما. إلا أنه أحيانا، عندما تكون الروايات الخاصة بشخص ما موزعة على مواضع مختلفة من الكتاب - وما زال " فهرست الأعلام " لم ينضم بعد إلى النسخة المطبوعة ليجبر هذه النقيصة (3) - فان العثور على عنوان الشخص المعني، لا يكفي للاطمئنان إلى تحقق الاطلاع على جميع ما يرتبط به من الاطلاعات.
3 - نسبة الكتاب إلى الشيخ الطوسي:
هناك اختلاف في نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ. وتعتقد غالبية علماء الفن أن الكتاب موضوع البحث منتخب منقح جمعه الشيخ الطوسي من كتاب رجال أبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي. كما أن عنوان الكتاب يؤيد هذا الرأي إلى حد ما.
والقول الآخر أن الكتاب الموجود هو أصل الكشي بعينه لا منتخب الشيخ. وهذا الرأي صادر من أحمد بن طاووس الحلي (المتوفى سنة 673) وتلميذيه العلامة الحلي (648 - 726) وابن داود الحلي (المتولد سنة 647) (4). إلا أن عدة من الدلائل والشواهد تؤيد بشكل قاطع نسبة الكتاب إلى الشيخ، وكونه منتخبا. وإليك بعض هذه الدلائل:
علي بن طاووس (المتوفى 664 - أخو أحمد بن طاووس المذكور) في كتاب " فرج المهموم " يذكر نسخة من هذا الكتاب، كتب فيها بخط الشيخ بالذات أن: " هذه الأخبار اختصرتها من كتاب الرجال لأبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز واخترت ما فيها " (5) وهذه العبارة تدل صراحة على أن الكتاب الموجود منتخب الشيخ الطوسي لا أصل الكشي.
والشيخ في فهرسته أثبت نسبة اختيار الرجال إلى نفسه، وعده بين آثاره العلمية (6). ومنذ ما بعد الشيخ حتى الآن، وهذا الاسم منطبق على هذا الكتاب موضوع البحث، ولا أثر هناك لكتاب آخر بهذا الاسم. والشيخ النجاشي صاحب الفهرست المعروف، معاصر الشيخ الطوسي كان في بعض الموارد ينقل من كتاب الكشي موضوعا لا توجد له أي إشارة في الكتاب الموجود حاليا (7). وهذا دليل على أن النسخة الأصلية من كتاب الكشي - التي كانت في متناول اليد أيام النجاشي وكانت مورد الاستفادة - غير كتاب " الاختيار " الحالي. وأن الكتاب الموجود منتخب وملخص من كتاب الكشي وليس أصلا (8).
وأيا ما كان، فإنه لا مجال للشك في أن ما هو في اليد بعنوان " رجال الكشي " منذ عدة قرون حتى الآن، ليس شيئا آخر غير منتخب الشيخ الطوسي هذا. وأغلب الظن أن النسخة الأصلية من كتاب الكشي لم تقع في يد أي من