الجمل وصفين والنهروان من الصحابة - رضي الله عنهم " كما ذكر سنده أيضا.
وفي القرن الثالث الهجري ازدهر فن الرجال على أثر شيوع كتب الحديث ورواج أصول هذا العلم ومصنفاته، فألفت ودونت في هذا الفن كتب كثيرة نسبيا، لا يزال بعضها موجودا للآن، وتعتبر من نفائس آثار الشيعة في هذا العلم. من جملتها: كتاب " طبقات الرجال " تأليف أحمد بن أبي عبد الله البرقي (1) الذي لا تزال نسخة ناقصة منه موجودة اليوم. وكتاب محمد بن أبي عبد الله بن جبلة بن حيان بن أبجر الكناني (المتوفى سنة 219) (2) الذي عده الشيخ الطوسي في كتاب الرجال من أصحاب الإمام الكاظم. ونسب النجاشي إليه كتبا كثيرة منها كتاب في الرجال.
ومجموعة أخرى من الكتب الرجالية في القرن الثالث عبارة عن: رجال، حسن بن علي بن فضالة (المتوفى سنة 224) ويقال أنه كان معروفا في زمن النجاشي وربما كان تابعا له (3) وكتاب رجال حسن ابن محبوب (المتوفى سنة 224) باسم " معرفة رواة الأخبار " (4) وهو غير كتابه الآخر في " المشيخة " الذي رتبه أبو جعفر الأودي فصولا حسب ترتيب أسماء الرجال. وهناك أيضا كتاب رجال إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي (5) (المتوفى سنة 283) وكتاب رجال حافظ أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المروزي البغدادي (6) (المتوفى سنة 283).
وهكذا يتبين مما قلنا أن قول " السيوطي " في كتاب " الأوائل " من أن:
أول مؤلف في علم الرجال، شعبة بن الحجاج - من أئمة أهل السنة وتوفي سنة 160 - (7)، مجاف للحقيقة عار عن التحقيق. إذ أن فن الرجال كما شاهدنا، بدأ في القرن الأول، وقد وضع كتاب في هذا الفن بمعرفة عبيد الله بن أبي رافع قبل شعبة بأكثر من قرن.
ونظير هذا الخطا ان لم يكن أسوأ أن الأستاذ الفاضل الشيخ محمد أبو زهرة المصري المعاصر في كتابه " الإمام الصادق " يزعم بغفلة ناجمة عن عدم التتبع الكافي في مصادر الشيعة ومآخذهم، لا عن الانتماء الفرقي والعصبية، أن فهرست الشيخ الطوسي أول كتاب رجالي عند الشيعة فأثنى على الشيخ الثناء الوافد ومجده أكبر التمجيد (8) باعتباره فاتحا لطريق جديد إلى أفق الثقافة الشيعية بوسيلة هذا المعبر. ان هذا الحكم دليل على عدم تدقيقه في كتاب الفهرست بالذات، إذ أن الشيخ نفسه أشار في مقدمة الكتاب إلى كتب أخرى في نفس المجال ألفت بمعرفة العلماء السابقين.
وكائنا ما كان، فإن تاليف وتدوين كتب الرجال الذي اكتسب حالة نسبية من الذيوع والانتشار في القرن الثالث الهجري، قد صار في القرن الرابع وبنفس النسبة أكثر شيوعا وتنوعا وجامعية.
والظاهرة التي يمكن استخلاصها من دراسة الكثير من كتب الرجال في هذا القرن هي أن هذه الكتب ألفت في موضوعات أكثر محدودية وانحصارا، وكأنما راجت سنة التخصص في هذا القرن وأصبحت الفروع التخصصية والموضوعات المتنوعة مورد نظر الخبراء وعلماء الفن بصورة مستقلة. مما يعتبر في حد ذاته دليلا على اتساع دائرة هذا العلم في القرن المذكور.
فمثلا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة (المتوفى سنة 332 أو 332) (9) كما ذكرنا، جمع كتابا اشتمل على رجال الإمام الصادق عليه السلام وذكر فيه أسماء أربعة آلاف شخص تشرفوا بصحبته عليه السلام والرواية عنه. وأبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري كتب كتابين عن مؤلفي الشيعة (يعني ما نطلق عليه اصطلاحا " فهرست ") وكتابا آخر اشتمل على أسماء الرواة الضعفاء وغير الموثقين باسم " الضعفاء " (10). والقاضي أبو بكر بن عمر الجعابي البغدادي (المتوفى سنة 355) من كان قمة زمانه في الحديث والرجال (11) ألف كتابا كبيرا باسم " الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم " في طبقات رواة الشيعة، سمعه الشيخ النجاشي، وكتابا آخر في " شرح طبقات أصحاب الحديث في بغداد " (12) ووضع عدة كتب أخرى في موضوعات محدودة ترتبط برواة الحديث. (13) ومجموعة أخرى من الكتب الرجالية المعروفة في القرن الرابع كالآتي.
رجال ابن داود القمي (المتوفى سنة 368) في باب الممدوحين والمذمومين.
رجال محمد بن علي بن بابويه المعروف بالصدوق (المتوفى سنة 381).
فهرست حسن بن محمد بن الوليد القمي، أستاذ الصدوق وقميين آخرين.
كتاب الطبقات لابن دول (المتوفى سنة 350).
كتاب رجال الكليني، محمد بن يعقوب مؤلف كتاب الكافي المعروف (المتوفى سنة 328 أو 329)