وعائشة في الصوم عن الميت فقالوا: قد أفتى ابن عباس وعائشة بخلاف ذلك، فتناقض المالكيون والحنفيون ههنا، فأخذوا بقول ابن عباس وعائشة وتركوا روايتهما. وأخذ المالكيون آنفا برواية أبي هريرة، وتركوا قوله، ولا حجة للحنفيين في خلاف عائشة وابن عباس هذا الحديث، لأنه إن كان تركته عائشة، فقد رواه أيضا بريدة الأسلمي، ولم يخالفه، وأما ابن عباس فالأصح عنه أنه أفتى بما رواه عنه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وليس بالقوي، وروى سعيد بن جبير خلاف ذلك وهو أصح.
وأما تعلقهم بأن عائشة رضي الله عنها خالفت في فتياها ما روت من الامر بالصيام عن الميت، فأين هم عن طرد هذا الأصل الفاسد؟ إذ روت عائشة رضي الله عنها أن الصلاة فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر، وكانت هي تتم في السفر، فأخذوا بروايتها وتركوا رأيها وعملها، وإذ روت التحريم بلبن العجل، ثم كانت لا تأخذ بذلك، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء إخوتها، ويدخل عليها من أرضعته بنات أخواتها فتركوا رأيها، وأخذوا بروايتها، وإذ روت أن كل امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فخالفت ذلك وأنكحت بنت أخيها عبد الرحمن - المنذر - ابن الزبير - وعبد الرحمن حي غائب غيبة قريبة بالشام بغير علمه ولا أمره، فأخذ المالكيون بروايتها وتركوا رأيها وعملها. فإن قالوا: تأولت في كل هذا قلنا لهم: وهكذا تأولت في فتياها بألا يصام عن الميت، ولعل المرأة التي أفتت ألا يصام عنها كانت لا ولي لها، فلم تر عائشة رضي الله عنها أن تخرج من ظاهر الحديث الذي روت في ذلك لان نصه من مات وعليه صيام صام عنه وليه.
وهكذا فعل المالكيون فيما روي عن عمر أنه رأى للمبتوتة السكنى والنفقة،