الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٤٧
رضي الله عنهم ظن، وروايتهم على النبي صلى الله عليه وسلم يقين، ولا يحل لمسلم أن يترك اليقين للظن، فارتفع الاشكال جملة هذا الباب، والحمد لله رب العالمين.
وأما هم رضوان الله عليهم فمعذورون، لأنه اجتهاد منهم، مع أن ذلك منهم أيضا قليل جدا، وليس كذلك من يقلدهم بعد أن نبه على ما ذكرناه وهذه عائشة وأبو هريرة رضي الله عنهما خفي عليهما المسح على الخفين، وعلى ابن عمر معهما، وعلمه جرير ولم يسلم إلا قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأشهر، وأقرت عائشة أنها لا علم لها به، وأمرت بسؤال من يرجى عنده علم ذلك وهو علي رضي الله عنه، وهذه حفصة أم المؤمنين سئلت عن الوطء يجنب فيه الواطئ، أفيه غسل أم لا؟ فقالت لا علم لي.
وهذا ابن عمر توقع أن يكون حدث نهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض بعد أزيد من أربعين سنة من موت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمسك عنها وأقر أنهم كانوا يكرونها على عهد أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يقل إنه لا يمكن أن يخفى على هؤلاء ما يعرف رافع وجابر وأبو هريرة.
وهؤلاء إخواننا يقولون - فيما اشتهوا -: لو كان هذا حقا ما خفي على عمر.
وقد خفي على زيد بن ثابت، وابن عمر، وجمهور أهل المدينة إباحة النبي صلى الله عليه وسلم للحائض أن تنفر، حتى أعلمهم بذلك ابن عباس وأم سليم، فرجعوا عن قولهم: وخفي على ابن عمر الإقامة حتى يدفن الميت، حتى أخبره بذلك أبو هريرة وعائشة فقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، وقيل لابن عمر في اختياره متعة الحج على الافراد: إنك تخالف أباك. فقال: أكتاب الله أحق أن يتبع أم عمر؟ روينا ذلك عنه من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر. وخفي على عبد الله بن عمر الوضوء من مس الذكر، حتى أمرته بذلك - عن النبي صلى الله عليه وسلم - بسرة بنت صفوان، فأخذ بذلك. وخفي على ابن عباس النهي عن المتعة، وعن تحريم الحمر الأهلية، حتى أعلمه بذلك علي رضي الله عنه
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258