الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
أن يتركوا إباحة مباشرة الحائض، لقول عائشة، وأيكم أملك لإربه كما قالت في قبلة الصائم سواء بسواء. والثاني: أنهم رووا عنها أنها قالت لابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن وهو أشب ما كان: ألا تقبل زوجتك وتلاعبها؟ تعني عائشة بنت طلحة وهي بنت أختها وأجمل جواري أهل زمانها قاطبة، فقال: إني صائم.
فقالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، فهي دأبا تحض الصائم الشاب على التقبيل للجارية الحسناء، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وائتساء به.
وهذا هو قولنا لا قولهم، ففعلوا ما ترى فيما أخبر عليه السلام أنه عموم، وغضب على من ادعى أنه خصوص، ثم أتوا إلى ما أخبر عليه السلام أنه خصوص له دون سائر الناس، وهو قتله بمكة من قتل الكفار، وخطب عليه السلام الناس فنهاهم عن أن يسفك فيها أحد دما، ثم لم يقنع عليه السلام بذلك، حتى قال في خطبته تلك: وإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا: إن الله أحلها لنبيه صلى الله عليه وسلم ولم يحلها لكم، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس إلى يوم القيامة أو كلاما هذا معناه، فقالوا: هذا عموم وليس خصوصا.
قال أبو محمد: فلو قيل لهؤلاء القوم اعكسوا الحقائق، ما زادوا على ما فعلوا، وأن هذا لعظائم لا ندري كيف استجاز من له أدنى ورع التقليد في مثل هذا، لمن قد أداه اجتهاده إلى الخطأ في ذلك، ممن قد بلغتهم الآثار، وقامت عليهم الحجة، وسقطت عنهم المعذرة، وإن الظن ليسوء جدا بمن هذا معتقده، ونعوذ بالله من كل حب رياسة تقود إلى مثل هذا، وبالله تعالى التوفيق.
قال علي: وإذا مدح الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أحدا على فعل ما كان ذلك الفعل مندوبا إليه، مستحبا يؤجر فاعله ولا يؤجر تاركه ولا يأثم، وليس ذلك الشئ فرضا لما قد أوردنا في الحجاج في أن الفرض ليس إلا ما جاء به الامر فقط، وإن لم نؤمر به فمعفوا عنه، وأما ما ذمه الله تعالى فهو مكروه، وليس حراما إلا بدليل، لما ذكرناه في المدح ولا فرق، وقد ذم الله تعالى الشح، وليس حراما إذا أدى المرء فرائضه، ولكنه مذموم مكروه، وقد مدح الله
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258