الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٤٥
وغيرهم - نسخ الوضوء مما مست النار وكل هذا تعظم البلوى به وتعم، وهذا كله وما بعد هذا يبطل ما قاله من لا يبالي بكلامه من الحنفيين والمالكيين. إن الامر إذا كان مما تعم البلوى به لم يقبل خبر الواحد.
والعجب أن كلتا الطائفتين قد قبلت أخبارا خالفها غيرهم تعم البلوى، كقبول الحنفيين الوضوء من الضحك، وجهله غيرهم وكقبول المالكيين اليمين مع الشاهد، وجهله غيرهم، ومثل هذا كثير جدا.
حدثنا محمد بن سعيد، ثنا أحمد به عبد النصير، حدثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا صخر بن جويرية، حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير، أن عبد الرحمن بن الأسود أخبره قال:
كنت جالسا مع أبي بعرفة وابن الزبير يخطب الناس، فقال ابن الزبير: إن هذا يوم تكبير وتحميد وتهليل، فكبروا الله واحمدوه وهللوا، فقام أبي يجوس حتى انتهى إليه فأصغى إليه فقال: أشهد لسمعت عمر بن الخطاب على هذا المنبر يلبي، فقال ابن الزبير: لبيك اللهم لبيك - وكان صيتا.
قال أبو محمد: فقد خفي هذا كما ترى على ابن الزبير وغيره، وهو مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد نهى عمر أن يسمى بأسماء الأنبياء، وهو يرى محمد بن مسلمة يغدو عليه ويروح وهو أحد الصحابة الجلة منهم، ويرى أبا أيوب الأنصاري، وأبا موسى الأشعري، وهما لا يعرفان إلا بكناهما من الصحابة، ويرى محمد بن أبي بكر الصديق، وقد ولد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حجة الوداع، واستفتته أمه إذ ولدته ماذا تصنع في إحرامها وهي نفساء، وقد علم يقينا أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بأسماء من ذكرنا وبكناهم بلا شك، وأقرهم عليها ودعاهم بها، ولم يغير شيئا من ذلك عليه السلام. فلما أخبره طلحة وصهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم بإباحة ذلك، أمسك عن النهي عنه، وهم بترك الرمل في الحج، ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله. فقال: لا يجب لنا أن نتركه.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258