الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ٧٠
معها، أو أن هذا الرجل الذي عهدنا عدالته قد فسق، أو أن فلانا الذي عهدنا فسقه قد تعدل، أو أن فلانا الذي عهدناه غير وال قد ولي الحكم في بلد كذا، أو أن فلانا الذي عهدناه واليا قد عزل، وأن الله تعالى قد ألزمكم أمر كذا، أو حرم عليكم أمر كذا، أو أحل لكم أمرا عهدناه حراما، أو أسقط عنكم أمرا عهدناه لازما، فكما ذكرنا من دعوى انتقال حال معلومة فعلى مدعي انتقالها الدليل، ولا تكلف مبطل هذا القول دليلا على بطلان قول خصمه، إذا قام الدليل على صحة قوله، ولا يلزم التكرار للدليل بلا خلاف ما كل ما ذكرنا حاشا مسائل الالزام والتحريم والاحلال والاسقاط، فخصومنا موافقون لنا على القول بقولنا فيها بلا خلاف، ومستخفون بمن خالفنا.
وأما هذه المسائل الأربعة المذكورة، فدليلنا على صحة قولنا هو قوله تعالى:
* (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم - إلى قوله - ثم أصبحوا بها كافرين) * فصح بنص الآية أن ما لم ينزل بنص القرآن وجوبه أو تحريمه فهو ساقط معفو عنه.
وأما بطلان قول من ادعى سقوط شئ قد ثبت بنص أو إجماع أو إحلال ما قد حرم بنص أو إجماع، فقد أبطل ذلك ربنا تعالى بقوله: * (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) *، وقال تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) * وقال تعالى: * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا) قال علي: فبين الله تعالى بيانا جليا لا إشكال فيه، أنه لا يحل تحريف كلام الله تعالى ولا تعدي حدوده، ولا أن نترك ما أوحي إلينا، وأن من خرج عن شئ من ذلك فهو ظالم مفتر على الله تعالى، فوجدنا الله عز وجل قد ألزمنا طاعة ما جاء في القرآن وطاعة ما جاء عن نبيه صلى الله عليه وسلم، لأنه إنما ينطق عنه عز وجل، وطاعة ما أجمع عليه جميع المسلمين عن نبيهم عليه السلام، وأن هذه حدود الله تعالى. فمن أراد إخراجنا عما ثبت بشئ منها، وأن يعدى بنا عنها فقد حرف
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122