الاحكام - ابن حزم - ج ١ - الصفحة ٦٤
الملة التي وضعنا كتابنا هذا في أحكامهم وعبادتهم، اختلافهم في معنى براءة من لم يشعر ولم يحتلم، ولا حاض إن كان امرأة، ولا بلغ خمسة عشر عاما من جميع الأوامر الواردة من الله تعالى ولزومها لمن احتلم وبلغ خمسة عشر عاما مع الاحتلام، أو حاض إن كان امرأة في هذه السن، ولا فرق في العقل بين جواز عدم الامر بالايمان في كلتا الحالتين المذكورتين، وبين جواز وجود الامر به في كلتيهما.
فإن شغب مشغب بتعلم الصبيان الصلاة وضربهم عليها، وأراد بذلك غرور الضعفاء المقلدين، فليعلم أنه لا خلاف عند الحاضرين من خصومنا في أن ذلك على سبيل التدريب وتعليم الخير، لا على سبيل الايجاب لذلك عليهم، وكذلك دعاؤنا إياهم إلى الاسلام. وبرهان ذلك: أننا لا نقتلهم إن ارتدوا حتى يحتلموا، ولا نقتلهم إن قتلوا، ولا نحدهم إن زنوا، ولا يحرم الميراث وإن ارتد قبل بلوغه من موروثه المسلم.
فإن ادعى مدع: أن البهائم متعبدة، واختار اللحاق بأحمد بن حابط والخروج عن إجماع المسلمين، فحسبه مفارقة الاسلام واللحاق بالكفر، وليس هذا مكان محاجة أهل هذا المذهب، وقد بينا ذلك في كتاب الفصل. وإنما قصدنا في كتابنا هذا بيان جمل الاحكام فقط فمن أراد أن يقف على هدم ما ذكرنا من الشغب فليقرأ كتابنا المرسوم بكتاب الفصل إن شاء الله تعالى.
قال أبو محمد: فإذ قد بينا أقسام المعارف جملة، ثم بينا أقسام الأصول التي لا يعرف شئ من الشرائع إلا منها، وأنها أربعة وهي: نص القرآن، ونص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي إنما هو عن الله تعالى مما صح عنه عليه السلام نقل الثقات أو التواتر، وإجماع جميع علماء الأمة، أو دليل منها لا يحتمل إلا وجها واحدا، فلنصف بحول الله وقوته كيف يستعمل المناظران
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المطبعة وفيها تعليل شدة ابن حزم على الفقهاء 3
2 وعد.. ووعد 4
3 خطبة الكتاب 5
4 المقدمة وفيها بيان قوى النفس الإنسانية 6
5 الباب الأول في الغرض المقصود من الكتاب 7
6 الباب الثاني في فهرس الكتاب وأبوابه 12
7 الباب الثالث في إثبات حجج العقول 14
8 الباب الرابع في كيفية ظهور اللغات 28
9 الباب الخامس في الألفاظ (الاصطلاحية) الدائرة بين أهل النظر 34
10 فصل في حروف المعاني التي تتكرر في النصوص 46
11 الباب السادس هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أم على أم على الإباحة 47
12 فصل فيمن لم يبلغه الأمر من الشريعة 55
13 الباب السابع في أصول الأحكام في الديانة وأقسام المعارف 59
14 فصل في هل على النافي دليل أم لا 68
15 الباب الثامن في البيان ومعناه 71
16 الباب التاسع في تأخير البيان 75
17 الباب العاشر في الأخذ بموجب القرآن 85
18 الباب الحادي عشر في الكلام في الأخبار (وهى السنن المنقولة عن رسوله الله (ص) 87
19 فصل فيه أقسام الأخبار عن الله تعالى 93
20 فصل في هل يوجب خبر الواحد العلم مع العمل أو العمل دون العلم 107
21 صفة من يلزم قبول نقله الأخبار 122