الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ٧٠
أم ماء إذا لم أعلم.
وليس من هذا القبيل ما إذا علمنا بنجاسة ثوب مثلا فإنه يلزم ان لا يحكم بطهارته الا بالقطع واليقين بل يكفي شهادة عدلين أو اخبار القصار أو نحو ذلك كما يستفاد من الأصل الآتي وذلك لان بناء هذا الأصل على رفع الحرج.
قال بعض الفضلاء (1): ان هذه القاعدة مخصوصة بمتعلقات أحكام الله تعالى من أفعال الانسان وأحواله دون نفس أحكام الله تعالى كما زعم أكثر المتأخرين فإذا لم يعلم كون نطفة الغنم طاهرة أو نجسة مثلا لم يحكم بطهارتها بهذا الأصل إذا لمراد ان كل صنف فيه طاهر ونجس مما لم يميز الشارع بين أفراده بعلامة فهو طاهر حتى تعلم أنه نجس.
أقول: ووجه ذلك يتبين مما حققناه في وصول الأصل الأول.
ومنها - ان كل ذي عمل مؤتمن في عمله ما لم يظهر خلافه كما يستفاد من الاخبار

١ - يريد به الأمين الاسترآبادي (ره) فإنه قال في الفوائد المدنية بعد نقل أحاديث ما نصه (148):
" واعلم أن الأحاديث التي نقلناها في هذا الموضع كلها متواترة المعنى ثم أقول:
اعلم أنه وقعت من جمع من المتأخرين من أصحابنا لقلة حذقهم في الأحاديث أغلاط في هذه المباحث من جملتها ان الفاضل المدقق الشيخ علي (ره) أفتى في بعض كتبه بان ظن غلبة النوم على الحدقتين كاف في نقض الوضوء وقد علمت تواتر الاخبار بخلاف ما أفتى به، ومن جملتها ان كثيرا منهم زعموا ان قولهم (ع): " لا تنقض يقينا بشك ابدا وانما تنقضه بيقين آخر " جار في نفس احكامه تعالى وقد فهمناك انه مخصوص بأفعال الانسان وأحواله و أشباههما من الوقائع المخصوصة. ومن جملتها ان بعضهم توهم ان قولهم عليهم السلام " كل شئ طاهر حتى تستيقن انه قذر " يعم صورة الجهل بحكم الله تعالى فإذا لم نعلم أن نطفة الغنم طاهرة أو نجسة نحكم بطهارتها، ومن المعلوم ان مرادهم عليهم السلام ان كل صنف فيه طاهر وفيه نجس كالدم والبول واللحم والماء واللبن والجبن مما لم يميز الشارع (ع) بين فرديه بعلامة فهو طاهر حتى تعلم أنه نجس، وكذلك كل صنف فيه حلال وحرام مما لم يميز الشارع بين فرديه بعلامة فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه ".
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»