الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١٠١
فحينئذ يجب اطراح القول الاخر والعمل بالقول الموافق لهذا الخبر، لان ذلك القول لابد ان يكون عليه دليل، فإذا لم يكن هناك دليل على صحته ولسنا نقول بالاجتهاد والقياس فيسند ذلك القول إليه ولا هناك خبر آخر مضاف إليه وجب ان يكون ذلك القول مطرحا ووجب العمل بهذا الخبر والاخذ بالقول الذي يوافقه.
أقول: مثال ذلك القول بوجوب صلاة الجمعة عينا في حال الغيبة فإنه دل عليه الأخبار الصحيحة المستفيضة بل المتواترة فضلا عن الخبر الواحد وليس بخلافه دليل أصلا فضلا عما يوجب العلم، والفتاوى فيه مختلفة كما هو ظاهر، ودعوى الاجماع في المختلف فيه واضح البطلان كما اعترف به مدعوه فأي هذه المسألة بعينها فان العلامة شنع علي بن إدريس بذلك مع أنه فعل هو بعينه مثله كما يظهر من التتبع.
قال الشيخ رحمه الله: وان عارضه خبر آخر عمل على خبر اعدل الرواة، فان تساووا في العدالة فليعمل على أكثرها عددا، فان تساووا في العدد أيضا نظر، فان أمكن العمل على أحد الخبرين على الاطلاق وعلى الاخر من وجه دون وجه فليعمل عليه ولا يطرح أحدهما، فان كان العمل ممكنا بهما ولأحدهما تأويل على بعض الوجوه ويعضده خبر فليعمل عليه دون ما لا يشهد له خبر، وإذا تحاذيا (1) ولا شاهد لأحدهما كان العامل أيضا مخيرا في العمل بأيهما شاء من جهة التسليم، ولا يكون العاملان بهما على هذا الوجه إذا اختلفا وعمل كل واحد منهما على خلاف ما عمل عليه الاخر مخطئا ولا متجاوزا حد الصواب، إذ روى عنهم عليهم السلام انهم قالوا: إذا ورد عليكم حديثان ولا تجدون ما ترجحون به أحدهما على

1 - اخذ المصنف (ره) الكلام من هنا إلى قوله " من قسم من هذه الأقسام ").
ونص العبارة فيه " وإذا لم يشهد لاحد التأويلين خبر آخر وكان متحاذيا كان العامل مخيرا (فساق عين عبارة الشيخ إلى قوله " من قسم من هذه الأقسام ").
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»