الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١٠٥
الحفاظ الضابطين على رواية من ليس له تلك الحال، ومتى كان أحد الراويين متيقظا في روايته والاخر ممن يلحقه غفلة ونيسان في بعض الأوقات فينبغي ان يرجح خبر الضابط المتيقظ على خبر صاحبه لأنه لا يؤمن ان يكون قد سها أو دخل عليه شبهة أو غلط في روايته وان كان عدلا لم يتعمد ذلك وذلك لا ينافي العدالة على حال، وإذا كان أحد الراويين يروى سماعا وقراءة والاخر يرويه إجازة فينبغي ان يقدم رواية السامع على رواية المستجيز اللهم الا ان يروى المستجيز بإجازته أصلا معروفا أو مصنفا مشهورا فيسقط حينئذ الترجيح، وإذا كان أحد الراويين يذكر جميع ما يرويه ويقول: انه سمعه فهو ذاكر لسماعه والاخر يرويه من كتابه نظر في حال الراوي من كتابه فان ذكر ان جميع ما في كتابه سماعه فلا ترجيح لرواية غيره على روايته لأنه ذكر على الجملة انه سمع جميع ما في دفتره وان لم يذكر تفاصيله، وان لم يذكر انه سمع جميع ما في دفتره وان وجده بخطه أو وجد سماعه عليه في حواشيه بغير خطه فلا يجوز له أولا ان يرويه ويرجح خبر غيره عليه، وإذا كان أحد الراويين معروفا والاخر مجهولا قدم خبر المعروف على خبر المجهول لأنه لا يؤمن ان يكون خبر المجهول على صفة لا يجوز معها قبول خبره، وإذا كان أحد الراويين مصرحا والاخر مدلسا فليس ذلك مما يرجع به خبره لان التدليس هوان يذكره باسم أو صفة غريبة أو ينسبه إلى قبيله أو صناعة وهو بغير ذلك معروف فكل ذلك لا يوجب ترك خبره، وإذا كان أحد الراويين مسندا والاخر مرسلا نظر في حال المرسل، فان كان ممن يعلم أنه لا يرسل الا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره، ولأجل ذلك ميزت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عمن يوثق به وبين ما أرسله غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم، فاما إذا لم يكن كذلك ويكون ممن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة فإنه يقدم خبر غيره عليه، وإذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به، وأما إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الذي ذكرناه، ودليلنا على ذلك الأدلة التي قدمناها على جواز العمل باخبار الآحاد، فان
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»