تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٥١
وقوله سبحانه: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض...) الآية: (بوأكم): معناه مكنكم، وهي مستعملة في المكان وظروفه، و " القصور ": جمع قصر، وهي الديار التي قصرت على بقاع من الأرض مخصوصة، بخلاف بيوت العمود، وقصرت على الناس قصرا تاما، و " النحت ": النجر والقشر في الشئ الصلب، كالحجر والعود، ونحوه، وكانوا ينحتون الجبال لطول أعمارهم، و (تعثوا) معناه تفسدوا.
قال أبو حيان: و (مفسدين): حال مؤكدة. انتهى.
و (الذين استكبروا) هم الاشراف والعظماء الكفرة، و " الذين استضعفوا ": هم العامة والأغفال في الدنيا، وهم أتباع الرسل، وقولهم: (أتعلمون): استفهام، على معنى الاستهزاء والاستخفاف، فأجاب المؤمنون بالتصديق والصرامة في دين الله، فحملت الأنفة الأشراف على مناقضة المؤمنين في مقالتهم، واستمروا على كفرهم.
وقوله سبحانه: (فعقروا الناقة) يقتضي بتشريكهم أجمعين في الضمير أن عقر الناقة كان على تمالؤ منهم واتفاق، وكذلك روي أن قدارا لم يعقرها حتى كان يستشير، و (عتوا): معناه: خشنوا وصلبوا، ولم يذعنوا للأمر والشرع، وصمموا على تكذيبه، واستعجلوا النقمة بقولهم: (ائتنا بما تعدنا)، فحل بهم العذاب، و (الرجفة): ما تؤثره الصيحة أو الطامة التي يرجف بها الإنسان، وهو أن يتحرك ويضطرب /، ويرتعد، ومنه:
" فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده " وروي أن صيحة ثمود كان فيها من كل صوت مهول، وكانت مفرطة شقت قلوبهم، فجثموا على صدورهم، والجاثم اللاطئ بالأرض
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة