تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤١٧
وقوله سبحانه: (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم...) الآية: لما وصف سبحانه مقالة الكفار الذين قالوا: (أساطير الأولين...) [النحل: 24]، عادل ذلك بذكر مقالة المؤمنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأوجب لكل فريق ما يستحق، وقولهم: (خيرا) جواب بحسب السؤال، واختلف في قوله تعالى: (للذين أحسنوا...) إلى آخر الآية، هل هو ابتداء كلام أو هو تفسير ل‍ " الخير " الذي أنزل الله في الوحي على نبينا خبرا أن من أحسن في الدنيا بالطاعة، فله حسنة في الدنيا ونعيم في الآخرة، وروى أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة، يثاب عليها الرزق في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة ".
وقوله سبحانه: (جنات عدن يدخلونها...) الآية: تقدم تفسير نظيرها، و (طيبين): عبارة عن صالح حالهم، واستعدادهم للموت، و " الطيب "، الذي لا خبث معه، وقول الملائكة: (سلام عليكم): بشارة من الله تعالى، / وفي هذا المعنى أحاديث صحاح يطول ذكرها، وروى ابن المبارك في " رقائقه " عن محمد بن كعب القرظي قال: إذا استنقعت نفس العبد المؤمن، جاءه ملك، فقال: السلام عليك، ولي الله، الله يقرئ عليك السلام، ثم نزع بهذه الآية: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم...) انتهى.
وقوله سبحانه: (بما كنتم تعملون): علق سبحانه دخولهم الجنة بأعمالهم، من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ولا معارضة بين الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل أحد الجنة بعمله! " قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة "، فإن الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث.
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة