تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٧
ماء زمزم كثيرا، وكلما شربت، نويت به العلم والإيمان، ونسيت أن أشربه للعمل، ففتح لي في العلم، ويا ليتني شربته لهما معا، حتى يفتح لي فيهما، ولم يقدر، فكان صغوي إلى العلم أكثر منه إلى العمل، انتهى من " الأحكام ".
و " من "، في قوله: و (من ذريتي)، للتبعيض، لأن إسحاق كان بالشام، و " الوادي ":
ما بين الجبلين، وليس من شرطه أن يكون فيه ماء، وجمعه الضمير في قوله: (ليقيموا):
يدل على أن الله قد أعلمه أن ذلك الطفل سيعقب هناك، ويكون له نسل، واللام في (ليقيموا): لام كي، هذا هو الظاهر، ويصح أن تكون لام الأمر، كأنه رغب إلى الله سبحانه أن يوفقهم لإقامة الصلاة، و " الأفئدة " القلوب جمع فؤاد، سمي بذلك، لاتقاده، (مأخوذ من " فأد "، ومنه: " المفتأد "، وهو مستوقد النار حيث يشوى اللحم.
وقوله: (من الناس): تبعيض، ومراده المؤمنون، وباقي الآية بين.
وقوله: (رب اجعلني مقيم الصلاة): دعاء إبراهيم عليه السلام في أمر كان مثابرا عليه، متمسكا به، ومتى دعا الإنسان في مثل هذا، فإنما المقصد إدامة ذلك الأمر، واستمراره، قال السهيلي: قوله تعالى: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) بحرف التبعيض، ولذلك أسلم بعض ذريته دون بعض، انتهى، وفاقا لما تقدم الآن.
وقوله: (ربنا اغفر لي ولوالدي): اختلف في تأويل ذلك، فقالت فرقة: كان ذلك قبل يأسه من إيمان أبيه، وتبينه أنه عدو لله، فأراد أباه وأمه، لأنها كانت مؤمنة، وقيل: أراد آدم / ونوحا عليهما السلام، وقرأ الزهري وغيره: " ولولدي "، على أنه دعاء لإسماعيل وإسحاق، وأنكرها عاصم الجحدري، وقال: " إن في مصحف أبي بن كعب ولأبوي ".
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة