تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٧
أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار، ثم قرأ قوله تعالى: (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها) "، أي: في الدنيا وهذا نص في مراد الآية، والله أعلم. انتهى.
و (حبط): معناه: بطل وسقط، وهي مستعملة في فساد الأعمال.
قال * ص *: قوله: (ما صنعوا): " ما " بمعنى: " الذي "، أو مصدرية، و " فيها ":
متعلق ب‍ " حبط "، والضمير في " فيها " عائد على الآخرة، أي: ظهر حبوط ما صنعوا في الآخرة، أو متعلق ب‍ " صنعوا "، فيكون عائدا على الدنيا. انتهى.
و " ال‍ (باطل): كل ما تقتضي ذاته ألا تنال به غاية في ثواب ونحوه، وقوله سبحانه:
(أفمن كان على بينة من ربه): في الآية تأويلات.
قال * ع *: والراجح عندي من الأقوال في هذه الآية: أن يكون " أفمن " للمؤمنين، أو لهم وللنبي صلى الله عليه وسلم معهم، وال‍ (بينة): القرآن وما تضمن، وال‍ (شاهد):
الإنجيل، يريد: أو إعجاز القرآن في قول، والضمير في " يتلوه " للبينة، وفي " منه " للرب، والضمير في " قبله " للبينة أيضا، وغير هذا مما ذكر محتمل، فإن قيل: إذا كان الضمير في " قبله " عائدا على القرآن، فلم لم يذكر الإنجيل، وهو قبله، وبينه وبين كتاب موسى؟، فالجواب: أنه خص التوراة بالذكر، لأنه مجمع عليه، والإنجيل ليس كذلك، لأن اليهود تخالف فيه، فكان الاستشهاد بما تقوم به الحجة على الجميع أولى، وهذا يجري مع قول الجن: (إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) [الأحقاف: 30] و (الأحزاب)، هاهنا يراد بهم جميع الأمم، وروى سعيد بن جبير، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا من اليهود والنصارى ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار "، قال سعيد: فقلت: أين مصداق هذا في كتاب الله؟ حتى وجدته في هذه الآية، وكنت إذا سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم طلبت مصداقه في كتاب الله عز وجل، وقرأ
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة