تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٦
وقوله سبحانه: (فإن لم يستجيبوا لكم)، لهذه الآية تأويلان:
أحدهما: أن تكون المخاطبة من النبي صلى الله عليه وسلم للكفار، أي: ويكون ضمير (يستجيبوا)، على هذا التأويل عائدا على معبوداتهم.
والثاني: أن تكون المخاطبة من الله تعالى للمؤمنين، ويكون قوله، على هذا (فاعلموا) بمعنى: دوموا على عملكم قال مجاهد: قوله تعالى: (فهل أنتم مسلمون):
هو لأصحاب محمد عليه السلام.
وقوله سبحانه: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها...) الآية: قالت قتادة وغيره:
هي في الكفرة، وقال مجاهد: هي في الكفرة وأهل الرياء من المؤمنين.
/ وإليه ذهب معاوية، والتأويل الأول أرجح، بحسب تقدم ذكر الكفار، وقال ابن العربي في " أحكامه ": بل الآية عامة في كل من ينوي غير الله بعمله، كان معه إيمان أو لم يكن، وفي هذه الآية بيان لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "، وذلك أن العبد لا يعطى إلا على وجه قصده، وبحكم ما ينعقد في ضميره، وهذا أمر متفق عليه.
وقوله: (نوف إليهم أعمالهم فيها): قيل: ذلك في صحة أبدانهم وإدرار أرزاقهم، وقيل: إن هذه الآية مطلقة، وكذلك التي في " حم عسق ": (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه) الآية [الشورى: 20] إلى آخرها، قيدتهما وفسرتهما الآية التي في " سورة سبحان "، وهي قوله تعالى: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد...) الآية [الإسراء: 18]، فأخبر سبحانه أن العبد ينوي ويريد، والله يحكم ما يريد، ثم ذكر ابن العربي الحديث الصحيح في النفر الثلاثة الذين كانت أعمالهم رياء، وهم رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، وقول الله لكل واحد منهم: " ماذا عملت؟ " ثم قال في آخر الحديث: ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتي، وقال: يا أبا هريرة،
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة