تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٣٨٤
ثم نعتهم فقال: * (الذين إذا ذكر الله وجلت) * يعنى خافت * (قلوبهم والصابرين على ما أصابهم) * من أمر الله * (والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) * [آية: 35] من الأموال.
قوله عز وجل: * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) * يعنى من أمر المناسك * (لكم فيها خير) * يقول: لكم في نحرها أجر في الآخرة ومنفعة في الدنيا، وإنما سميت البدن؛ لأنها تقلد وتشعر وتساق إلى مكة، والهدى الذي ينحر بمكة، ولم يقلد، ولم يشعر والجزور البعير الذي ليس ببدنه، ولا بهدي * (فاذكروا اسم الله عليها) * إذا نحرت * (صواف) * يعنى معقولة يدها اليسرى قائمة على ثلاثة قوائم مستقبلات القبلة. قال الفراء: صواف، يعنى يصفها، ثم ينحرها، فهذا تعليم من الله، عز وجل، فمن شاء نحرها على جنبها.
* (فإذا وجبت جنوبها) * يعنى فإذا خرت لجنبها على الأرض بعد نحرها * (فكلوا منها وأطعموا القانع) * يعنى الراضي الذي يقنع بما يعطي، وهو السائل * (والمعتر) * الذي يتعرض للمسألة، ولا يتكلم فهذا تعليم من الله، عز وجل، فمن شاء أكل، ومن لم يشأ لم يأكل، ومن شاء أطعم، ثم قال سبحانه: * (كذلك سخرناها) * يعنى هكذا ذللناها * (لكم) * يعنى المدن * (لعلكم تشكرون) * [آية: 36] ربكم، عز وجل، في نعمه.
* (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) * وذلك أن كفار العرب كانوا في الجاهلية إذا نحروا البدن عند زمزم أخذوا دماءها فنضحوها قبل الكعبة، وقالوا: اللهم تقبل منا، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك، فأنزل الله، عز وجل، * (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) * * (ولكن يناله التقوى منكم) * يقول: النحر هو تقوى منكم، فالتقوى هو الذي ينال الله ويرفعه إليه، فأما اللحوم والدماء فلا يرفعه إليه، * (كذلك سخرها لكم) * يعنى البدن * (لتكبروا) * لتعظموا * (الله على ما هداكم) * لدينه * (وبشر المحسنين) * [آية:
37] بالجنة فمن فعل ما ذكر الله في هذه الآيات فقد أحسن. قوله عز وجل: * (إن الله يدفع) * كفار مكة * (عن الذين ءامنوا) * بمكة، هذا حين أمر المؤمنين بالكف عن كفار مكة قبل الهجرة حين آذوهم، فاستشاروا النبي صلى الله عليه وسلم في قتالهم في السر، فنهاهم الله
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»