تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٣٨٨
الله) * (في الآخرة) * (رزقا حسنا) * يعنى كريما * (وإن الله لهو خير الرازقين) * [آية: 58] وذلك أن نفرا من المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم نحن نقاتل المشركين، فنقتل منهم ولا نستشهد، فما لنا شهادة، فأشركهم الله عز وجل جميعا في الجنة، فنزلت فيهم آيتان.
فقال: * (ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم) * (لقولهم) * (حليم) * [آية: 59] عنهم. لقولهم: أنا نقاتل ولا نستشهد، * (ذلك ومن عاقب) * وذلك أن مشركي مكة لقوا المسلمين لليلة بقيت من المحرم، فقال بعضهم لبعض: إن أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام، فاحملوا عليهم فناشدهم المسلمون أن يقاتلوهم في الشهر الحرام، فأبى المشركون إلا القتال. فبغوا على المسلمين فقاتلوهم وحملوا عليهم وثبت المسلمون فنصر الله، عز وجل، المسلمين عليهم، فوقع في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام، فأنزل الله عز وجل ذلك ومن عاقب، هذا جزاء من عاقب.
* (بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو) * (عنهم) * (غفور) * [آية: 60] لقتالهم في الشهر الحرام * (ذلك) * يعنى هذا الذي فعل من قدرته، ثم بين قدرته، جل جلاله، فقال سبحانه: ذلك * (بأن الله يولج اليل في النهار ويولج النهار في اليل) * يعنى انتقاص كل واحد منهما من الآخر، حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة، والليل تسع ساعات في كل سنة * (وأن الله سميع) * بأعمالهم * (بصير) * [آية: 61] بها.
* (ذلك) * يعنى هذا الذي فعل ذلك، يدل على توحيده بصنعه * (بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه) * يعنى يعبدون من دونه من الآلهة * (هو الباطل) * الذي ليس بشيء، ولا ينفعهم عبادتهم، ثم عظم نفسه تبارك اسمه، فقال: * (وأن الله هو العلي) * يعنى الرفيع فوق خلقه * (الكبير) * [آية: 62] فلا شيء أعظم منه.
* (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء) *، يعنى المطر، * (فتصبح الأرض مخضرة) * من النبات * (إن الله لطيف) * باستخراج النبت * (خبير) * [آية: 63] ثم قال تعالى: * (له ما في السماوات وما في الأرض) * عبيده، وفي ملكه * (وإن الله لهو الغني) * من عباده خلقه * (الحميد) * [آية: 64] عند خلقه في سلطانه.
* (ألم تر أن الله سخر) * يعنى ذلك * (لكم ما في الأرض والفلك) * يقول: وسخر
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»