تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٣٨٣
ضخم من الجثم عظيم ظله.
وكانت تلبيه آدم، عليه السلام: لبيك الله لبيك عبد خلقته بيديك، كرمت فأعطيت، قربت فأدنين، تباركت وتعاليت، أنت رب البيت.
فأنزل الله عز وجل: * (واجتنبوا قول الزور) * يعنى الكذب، وهو الشرك في الإحرام، * (حنفاء لله) * يعنى مخلصين لله بالتوحيد * (غير مشركين به) * ثم عظم الشرك، فقال: * (ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير) * يعنى فتذهب به الطير النسور * (أو تهوي به الريح في مكان سحيق) * [آية: 31] يعنى بعيدا، فهذا مثل الشرك في البعد من الله، عز وجل.
* (ذلك) * يقول: هذا الذي أمر اجتناب الأوثان * (ومن يعظم شعائر الله) * يعنى البدن من أعظمها وأسمنها * (فإنها من تقوى القلوب) * [آية: 32] يعنى من إخلاص القلوب * (لكم فيها) * في البدن * (منافع) * في ظهورها وألبانها * (إلى أجل مسمى) * يقول: إلى أن تقلد، أو تشعر، أو تسمى هديا، فهذا الأجل المسمى، فإذا فعل ذلك بها لا يحمل عليها إلا مضطرا ويركبها بالمعروف، ويشرب فضل ولدها من اللبن، ولا يجهد الحلب حتى لا ينهك أجسامها.
* (ثم محلها إلى البيت العتيق) * [الآية: 33] يعنى منحرها إلى أرض الحرم كله كقوله سبحانه: * (فلا يقربوا المسجد الحرام) * يعنى أرض الحرم كله، ثم ينحر ويأكل ويطعم، إن شاء نحر الإبل، وإن ذبح الغنم، أو البقر، ثم تصدق به كله، وإن شاء أكل وأمسك منه، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون شيئا من البدن، فأنزل الله، عز وجل، فكلوا منها وأطعموا، فليس الأكل بواجب، ولكنه رخصة، كقوله سبحانه * (وإذا حللتم فاصطادوا) * [المائدة: 2] وليس الصيد بواجب ولكنه رخصة.
* (ولكل أمة) * يعنى لكل قوم من المؤمنين فيما خلا، كقوله سبحانه: * (أن تكون أمة هي أربى من أمة) * [النحل: 92] أن يكون قوم أكثر من قوم، ثم قال:
* (جعلنا منسكا) * يعنى ذبحا، يعنى هراقة الدماء * (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) * وإنما خص الأنعام من البهائم؛ لأن من البهائم ما ليس من الأنعام، وإنما سميت البهائم؛ لأنها لا تتكلم * (فإلهكم إله واحد) * ليس له شريك يقول: فربكم رب واحد * (فله أسلموا وبشر المخبتين) * [آية: 34] يعنى المخلصين بالجنة.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»